أخرجنى فراغ صندوق تبغى من استمتاعى بالمباراة، فصبرت مزاجى الجائع للتدخين، معاهداً إياه بمكافأته بين الشوطين بصندوق جديد، أثناء هرولتى لاقتناء الصندوق، سمعت من ينادينى، نظرت فى اتجاه الصوت فوجدت خالى يقف فى بلكونة منزله، رجانى للصعود إليه، لأنه يريد محادثتى فى أمر مهم، عاهدته بالعودة إليه، وفى داخلى أجلت الميعاد للصباح حتى لا تفوتنى المباراة، رغم أن ما لمحته من كآبة فى صوته وعيونه أقلقنى، لكننى قلت مافرقتش سواد الليل، لكن للأسف (فرقت)، لأنه فى الصباح جاءنى نبأ وفاته، مرت على ذلك أعوام، وما زالت نظراته تطعن ضميرى الذى ما زال يؤنبنى، لماذا لم أصعد وأستمع إليه، أعلم أن ذلك لم يكن ليمنع القدر، لكن ربما كانت هتفرق فى شكل الوداع، ربما خرجت منى كلمة ترسم على شفتيه بسمة، أو خرجت أخرى صبّرته على همه، أو ربما وربما ألف ربما تطاردنى، خاصة عندما قرأت رائعة تشيكوف «لمن أشكو كآبتى»، «أيونا» بطل القصة يتوفى ابنه الوحيد، ولا يجد من يبث له أحزانه، يريد أن يفضفض ويحكى عن ابنه كيف عاش وكيف مات وذكرياته معه، لم يجد فى النهاية سوى حصانه يبث له أحزانه جميعاً، «أيونا» مهما كانت قدرتنا على كتم آلامنا نريد أن نشكو ونفضفض ونجد من يستمع، فليست كل شكوى لغير الله مذلة.
مصطفى سيد عبدالسلام
الدلاتون - منوفية
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
تعليقات الفيسبوك