تاريخ صناعة السجائر فى مصر
تحتفل منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي يوافق 31 مايو من كل عام، وتبذل المؤسسة جهودًا عظيمة لوقف انتشار التدخين، وسط استجابة ضئيلة نسبيا، مما يدفعنا للتساؤل كيف انتشرت السجائر في مصر بهذه الصورة.
وتستعرض "الوطن" تاريخ صناعة السجائر في مصر التي مرت بالعديد من المراحل منها الرفض ثم الانتشار ثم التصدير والانتعاش بالخارج لدرجة تهافت الأوروبيين على السجائر المصرية.

البداية كانت "المضغة"
بدأ دخول التبغ لمصر عام 1601 وكان أوراق النبات التبغ تستخدم فى المضغ ثم بصقها، قبل اختراع تجفيفها وظهور السجائر، ولا تزال تلك الطريقة منتشرة في بعض قري الصعيد، ثم ظهر بعدها "النرجيلة" أو كما يعرفها العامة باسم الشيشة، والتومباك.
الإعدام مصير المدخن
فى البداية رفض المصريون التدخين فقال المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي فى كتابه "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار" أن الوالي العثماني أصدر أوامر بمنـع شـرب الـدخان فـي الشوارع وعلى الدكاكين وأبواب البيوت وشدد بالنكـال بمـن يفعل ذلك، ووصل الأمر لحد الإعدام فلقد اعتبرها الناس عادة بذيئة قبيحة".
لكن بسبب الأزمات الاقتصادية والحالة المتردية للمصريين فقد أقبلوا على التدخين بشراهة، ما ساهم في انتشار الظاهرة.

مؤسس مصر الحديثة "تاجر دخان"
كان محمد على مؤسس مصر قبل توليه الحكم "تاجر دخان" فهذا الفتى اليتيم ألباني الأصل، ورباه عمه كان يعمل فى الجباية، وبعد أن جاء لمصر أصبح تاجرًا للتبغ، حسب كتاب نشأت الديهي "محمد علي باشا بدايات قاسية ومجد عظيم"، وسرعان ما ظهرت جودة التبغ المصري التي لم تخف عن عين التاجر المحنك، لذلك احتكر صناعته وتوسع فى زراعته.
صناعة الدخان جزء من الاقتصاد المصري
في بداية القرن الثامن العشر أصبحت تجارة التبغ من الأعمال الرائجة، فتم إنشاء وكالات التبغ البلدي والمستورد، وأصبح التدخين جزء من الاقتصاد المصري التابع للدولة العثمانية، لذلك فرضت الأخيرة الضرائب على التبغ وتعاملت معه باعتباره سلعة غير أخلاقية.
أول سيجارة مصرية
وقصة لف أول سيجارة مصرية طريفة ويرويها الباحث ريلي سيكتر فى كتابه "اقتصاد وثقافة التدخين فى الشرق الأوسط " وكانت على يد جندي مصري خلال حصار عكا عام 1832، حيث منع الجنود من الشيشة فما كان منهم إلا أن استخدموا الأوراق التي يشعلون بها المدافع ولفها لصنع السجائر.

وانتشرت تلك الطريقة بين الشعب وحتى سيدات الطبقة الحاكمة، فكان حرملك الخديوي لديهم 5 خدام متخصصين فى صناعة الدخان فقط.
انتشار العلامات التجارية
ولسنوات كانت السجائر تُباع مجزئة (الورق والتبغ)، لكن فى نهاية القرن التاسع عشر كان احتياج السوق المصري من السجائر يزداد بصورة كبيرة، مما دفع الشركات اليونانية إلى صناعة السجائر بشكلها الحالي، وعام 1919 تم إنشاء شركة سجائر محمود فهمي تحمل اسم "بيت الأمة" وكانت تباع فى الصالات الرياضية وكان شعارها "السجائر التى يحبها الرياضيون".

وتوالت أنواع السجائر حسب الطبقة الاجتماعية لمن يتناولها فسجائر "أم الدنيا" للعمال، وسجائر "عباس حليم يكن" للعظماء والوجهاء، وتم انتاج سجائر "نبيل" وسجائر "الأمراء"
وأسس الأرمن 20 مصنعًا للسجائر في مصر منها 16 مصنعًا في القاهرة واثنين بالإسكندرية وآخر بمدينة المنصورة والزقازيق.
مصدر تصدر السجائر للعالم
فى مطلع القرن العشرين بدأت مصر فى تصدير السجائر إلى أوروبا، وكان الصُناع يعتمدون على الرموز والأشكال الفرعونية، كالأهرامات وأبو الهول، وقد ساعد هذا فى انتشارها فى الخارج.

ووفقًا لكتاب "اقتصاد وثقافة التدخين فى الشرق الأوسط" فأن ألمانيا كانت أكثر الدول الأوروبية استيرادًا للسجائر المصري تليها بريطانيا ثم الهند، وكانت رائجة بشدة، لدرجة افتتاح مصنع لصناعة السجائر فى الولايات المتحدة وكتب عليه "كأنك فى القاهرة".
تعليقات الفيسبوك