بريطانيين اعتنقوا الإسلام
منذ أكثر من 200 عام، دخل 3 بريطانيين تحدي من نوع خاص، عندما قرروا ترك الديانة المسيحية واعتناق الإسلام، في القرن الـ19 وفي أوج عصر الإمبراطورية متحديين معايير العصر الفيكتوري في الوقت الذي كانت فيه المسيحية حجر أساس الهوية البريطانية.
وخلال السطور التالية نقدم نبذة عن أبرز البريطانيين الذين اعتنقوا الإسلام في العصر الفيكتوري، بحسب ما أوردته "بي بي سي".
وليام هنري كويليام
وكان من بين هؤلا المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام المحامي وليام هنري كويليام الذي بدأ اهتمامه بالإسلام بعد أن رأى صلاة يؤديها مغاربة على ظهر عبّارة خلال استراحة في مياه البحر المتوسط عام 1887، قائلاً :"لم تزعجهم على الإطلاق قوة الرياح العاتية أو تأرجح السفينة، تأثرت كثيرا وأنا أنظر في وجوههم وتعبيراتهم، التي أظهرت إيمانا كاملا وصدقا"، حسبما ذكرت "BBC" عربي في تقرير شامل لهؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام في العصر الفيكتوري.

وبعد أن جمع معلومات عن الدين خلال فترة إقامته في طنجة، أسلم كويليام، وكان في 31 من عمره في ذلك الوقت، ووصف الإسلام بأنه "معقول ومنطقي وأنه يشعر على المستوى الشخصي بأنه لا يتعارض مع معتقداته"، وعلى الرغم من أن الإسلام لا يلزم من يعتنقه بتغيير اسمه، اختار كويليام لنفسه اسم "عبد الله".
وبعد عودته إلى إنجلترا في عام 1887، أصبح داعية للدين، وبفضل جهوده اعتنق نحو 600 شخص الإسلام في شتى أرجاء بريطانيا، وأنشأ كويليام أول مسجد في ليفربول، التي كان يعتبرها الكثيرون في ذلك الوقت المدينة الثانية للإمبراطورية البريطانية.

وكانت الملكة فيكتوريا، التي كانت تحكم تحت سلطة بلادها مسلمين أكثر مقارنة بالإمبراطورية العثمانية، من بين أولئك الذين طلبوا كتيب ألفه كويليام بعنوان "دين الإسلام"، لخص فيه الدين الإسلامي وترجم إلى 13 لغة، وطلبت منه الملكة 6 نسخ لعائلتها، لكن رغبتها في استزادة المعرفة لم تتفق مع المجتمع العريض الذي كان يعتقد أن الإسلام دين عنف.

وفي عام 1894، منح السلطان العثماني لقب كويليام "شيخ الإسلام في الجزر البريطانية"، بموافقة من الملكة فيكتوريا، وهو لقب يعكس قيادته في مجتمع المسلمين، وعُرف عن كويليام محليا بعمله مع الفئات المحرومة، ومناصرة النقابات العمالية وإصلاح قانون الطلاق، وشارك في إنشاء ثاني أقدم مسجد في البلاد، بني في ووكينج، ودُفن في مقاطعة سري عام 1932، ويحمل مسجد ليفربول اسمه حتى الآن.

ليدي إيفيلين كوبولد
ولدت ليدي إيفيلين لعائلة أرستقراطية في أدنبره، وقضت معظم فترة طفولتها بين اسكتلندا وشمال أفريقيا، أحبت الإسلام وتعلمت هناك اللغة العربية، وكانت تسعد بالهرب من مربيتها وزيارة المساجد مع أصدقائها الجزائريين.

وليس من المعروف متى اعتنقت ليدي إيفيلين الإسلام، ربما كانت بذرة الاعتناق قد غُرست أثناء الطفولة، غير أن إيمان ليدي إيفيلين ترسخ بعد عطلة قضتها في روما ولقاء مع البابا، قائلة : "عندما وجه قداسته فجأة الحديث إلي وسألني هل اعتنق الكاثوليكية، اندهشت للحظة ثم أجبته أنا مسلمة"، مضيفة : "لا أعرف ما الذي تملكني، لأنني لم أفكر في الإسلام لسنوات، وبدأ المشوار وصممت على قراءة ودراسة الدين".

ويقول المؤرخ وليام فاسي، الذي كتب مقدمة كتاب مذكرات ليدي إيفيلين، إن الجانب الروحي الديني اجتذب الكثيرين من معتنقي الدين، موضحاً أنهم اتبعوا "اعتقادا بأن جميع الأديان الكبرى تشترك في وحدة متسامية، بعيدا عن التفاصيل المذهبية السطحية التي تفرقها".
وكان أصدقاء ليدي إيفيلين العرب في الشرق الأوسط يشيرون إليها باسم "ليدي زينب"، وكانت تتمتع بإمكانية الوصول إلى مناطق مخصصة للسيدات، وكتبت عن "التأثير المهيمن للمرأة" في الثقافة الإسلامية، وتعد إيفيلين أول سيدة بريطانيا تؤدي شعائر الحج كاملة، وهو ما أتاح لها ذلك "اهتماما وإعجابا لا نهاية له"، ونُشرت قصتها بعد ذلك في كتاب بعنوان "الحج إلى مكة".

سافرت إيفيلين لفترة قصيرة إلى كينيا وتوفيت في دار رعاية "إنفيرنس" عام 1963 عن عمر 95 عاما، وأوصت بعزف موسيقى القرب في جنازتها وكتابة آية قرآنية من سورة النور، على قبرها، وكتبت في مذكرتها : "لطالما سألت نفسي متى ولماذا أسلمت"، فكانت "إجابتي هي أنني لا أعرف اللحظة بالتحديد التي تجلت فيها حقيقة الإسلام بالنسبة لي"، مضيفة : "يبدو أنني كنت مسلمة على الدوام".
روبرت ستانلي
روبرت ستانلي تحول الى الاسلام في الـ70 من عمره وارتقى من بقال من الطبقة العاملة إلى عمدة بلدة ستاليبريدج عن حزب المحافظين، وهي بلدة تقع على مقربة من مانشستر، وكان أيضا قاضيا وأنشأ صندوقا للعاملين المفصولين من عملهم بسبب عدم تصويتهم وفقا لآراء رؤساء العمل.

التقى ستانلي المحامي كويليام في أواخر تسعينيات القرن الـ19 بعد أن تقاعد من عمله السياسي، وربطت بينهما صداقة حميمة، وكان يكبر كويليام في العمر بـ 28 عاما، لذا أعتقد أن العلاقة بينهما كان تحمل بعض من علاقة الأب بالابن.
وتقول كريستينا لونغدين، حفيدة روبرت ستانلى اكتشفت أن جدها كان مسلما بعد أن بحثت والدها في شجرة العائلة، وفوجدتها تحتفظ بوثائق مكتوبة تقول : "عموما توجد إشارات على أن الأمر ظهر في الطبقة المتوسطة، وأنه لم يعتنق الإسلام إلا في سن السبعين واختار لنفسه اسم "رشيد".

وتعتقد لونغدين، من واقع بحثها، أنه لم يكن يوجد في ستايبريدج في ذلك الوقت أي مسلم آخر، وانتقل ستانلي بعد ذلك إلى مانشستر وتوفي بها عام 1911، وظل اعتناقه للإسلام في طي الكتمان حتى اكتشفته أسرة لونغدين عام 1998.
حفيد ستانلى
ومن قبيل الصدفة أسلم ستيفين، شقيق لونغدين وحفيد ستانلي، في عام 1991 بعد أن درس في مصر، قبل سبع سنوات من اكتشاف حقيقة إسلام الجد ستانلي، فعندما سمع عن اعتناق جده، وصف ذلك بأنه مفاجأة مذهلة.
وقال: "حقيقة وجود رجل اختار أن يكون مسلما في وقت لا يمكن تصور شخص يفعل شيئا غير تقليدى، عندما تجلس وتفكر في الأمر، نعم، إنها مانشستر"، مضيفاً: "الناس لا تخشى الوقوف والحديث عما تؤمن به، سواء كان ذلك سياسيا أو دينيا".
تعليقات الفيسبوك