بعيدا عن الشوارع المزدحمة وضغط العمل المستمر والمشكلات الحياتية المتجددة، قرر البعض الفصل تماما عدة أيام سواء في الراحة الأسبوعية أو إجازة سنوية، لقضاء أيام مليئة بالهدوء والتأمل والجو المعتدل وسط البحر والرمال، تاركين خلفهم الأعباء ويضعون تركيزهم في التقرب إلى الله في شهر رمضان مستغلين هذه الأجواء المنعشة.
تزامنا مع مجيء شهر رمضان خلال فصل الربيع، قرر الكثيرون الذهاب إلى الساحل الشمالي لقضاء بضعة أيام في أجواء رمضانية مختلفة عن القاهرة، فتحكي منة محسن (28 عامًا) لـ"الوطن" إنها تفضل هي وأسرتها الذهاب إلى الساحل الشمالي كل عام في شهر رمضان: "وخاصة في العشرة الأواخر، بعيد عن الزحمة وأي جدال أو مشاكل أو عصبية بحاول الفترة دي أركز تفكيري وكل حاجة في ربنا بس".
"الساحل بيبقى في هدوء نفسي لما تقعدي قدام البحر وانتي نفسيتك هادية وصافية".. وصف منة لأجواء رمضان في الساحل الشمالي وتعتبرها فرصة كبيرة للتقرب من الله والتأمل بعظمة الخالق وجمال خلقه من الخضرة والبحر والرمال والشمس والقمر وغيرهم، كما تستمتع الفتاة العشرينية بقراءة القرآن أثناء جلوسها على الرمل وأمامها البحر يلقي قطرات من المياه عليها.
ولا تشعر منة التي تعمل مهندسة بإحساس الجوع أو العطش في الساحل الشمالي بعكس القاهرة كما أنها تلقي تركيزها على الصلاة والصوم وقراءة القرآن بدون ضغط نفسي قائلة: "بحس إني مش بعمل حاجة غير إني بصلي وبصوم وأتأمل في اللي ربنا خلقه في هدوء تام اللي بيخليني مرتاحة وخفيفة ومبتجريش من الشغل عشان تلحقي الفطار".

وعلى جانب آخر إنساني تحكي منة أن هناك عددا كبيرا من العمال يأتون من محافظات بعيدة في آخر أيام رمضان من أجل الاستعداد لمصاريف العيد وتلبية رغبات أسرتهم: "بننزل إحنا وناس من القرية نوزع عليهم الفطار بيبقوا مبسوطين أوي وإحنا بنبقى مبسوطين أكتر عشان الناس دي بتتعب أوي عشان أولادها".
تتفق هند بهي وعائلتها وأقاربها على السفر في نفس الوقت خلال الإجازات الأسبوعية أو السنوية الطويلة إلى الساحل الشمالي لقضاء أيام في شهر رمضان بعيدة عن الازدحام الموجود بالقاهرة والجيزة، محاولين الانعزال عن هذا العالم حتى وأن كانت فترة قليلة: "الصيام حلو أوي في الساحل والجو أحلى بكتي ومش محتاج تكييف 24 ساعة".
وتحرص الفتاة العشرينية هي وأسرتها على عدم الذهاب إلى البحر يوميا حتى لا يشعرون بعطش خلال فترة النهار ولكن من الممكن قبل أذان المغرب بمدة قليلة لقراءة القرآن قائلة: "بس في العموم رمضان في الساحل بتحسي أنه خلص بسرعة والموضوع مريح نفسيا والجو ألطف فالصيام وأسهل وبنتجمع مع العيلة على الفطار في مكان واحد".

ومن أكثر الأشياء المفضلة لدى هند في قضاء رمضان يفي الساحل هي فترة السحور حيث وصفته بـ"ألذ بكتير عن القاهرة وخاصة أن كبنات صعب نتسحر كتير بره لكن في الساحل عادي ممكن كل يوم والجو امان ولطيف" كما أنها تستطيع أداء صلاة الفجر في الجامع بخلاف القاهرة تعتبر بالنسبة لها من المستحيل الذهاب إلى المسجد في هذا الميعاد.

أما محمد إبراهيم، فيقضي الآن رمضان في الساحل الشمالي كونه يستمتع بأجوائه بعيدا عن ضجيج القاهرة والازدحام المروري: "باخد إجازة 10 أيام وأسافر وأفصل نهائي وارتاح عن المشكلات والإزعاج وببقى وسط أهلي فده بيتيح لنا نقرب من بعضنا أكتر وسط مشاغل الحياة طول السنة وبنتواصل مع أصحابنا في القرية وبنتجمع نفطر سوا برده على البحر".

ويحكي الشاب الثلاثيني عن يومه بعد الفطار، حيث إنه يذهب إلى الجامع لأداء صلاة التراويح، بعيدا عن الآباء الذين يجلبون معهم أبناءهم ويشتتون تركيزهم في الصلاة: "الواحد بيعرف يركز في الصلاة وبيبقى مبسوط كده وتحس إنك مش تعبان"، ثم يذهب إلى الكافيتريا الموجود على شاطئ البحر لتبادل الحديث مع العائلة أو الأصدقاء ومشاهدة المسلسلات والبرامج.
"الأجواء الرمضانية بتبدأ بليل من الساعة 12 لحد السحور وصلاة الفجر".. هكذا وصف إبراهيم الحالة العامة في الساحل وتجمع الناس في المطاعم والكافيهات لتناول الفطير المشلتت والفول والطعمية والجبنة والبيض والبطيخ والأرز باللبن بالتوت وغيره.
وأحيانا يقرر الشاب الثلاثيني هو وأسرته السباحة سويا بعد صلاة التراويح في المسجد: "بنزل أنا وبابا وماما واخواتي البيسين بليل بيبقى متعة تانية ومفيش غيرنا".
تعليقات الفيسبوك