المعلم أرنوب
صفوف من الناخبين والباحثين عن لجانهم الانتخابية وذويهم تتراص بجانب بعضها البعض أمام مدرسة الحرية الابتدائية بعين شمس، تتزايد حرارة الطقس عند الظهيرة في أول أيام الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لينصرف البعض في هدوء عائدًا لبيته للمجيء مساءً، بينما يبحث آخرون عما يروي عطشهم بالأكشاك المجاورة للانتهاء من الإدلاء بأصواتهم الانتخابية.
عربة تستند على أربعة إطارات، تحمل مشروبات تقليدية محببة للصغار والكبار، يقودها رجل ستيني يحتمي من الشمس بـ"كاب" شبابي يخفي شيب رأسه، يقترب صوب المدرسة لتجد اسمه المستعار الذي يلاحقه منذ الصغر بواجهة العجلة "المعلم أرنوب"، ليتجمع حوله الناخبون وصغارهم لشراء التمر الهندي والعرقسوس والسوبيا.
3 مشروبات تخصص عبده أحمد مرزوق، أو "المعلم أرنوب" في إعدادها وبيعها منذ سنوات عمره الأولى، فهو لم يمتهن في حياته سوى بيع العصائر في الشوارع، كما أورثها لابنه الأكبر الذي يتبادل العمل معه في أوقات مرضه، ويقول لـ"الوطن": "معرفش أشتغل حاجة تانية غير العصاير، ولما بتعب يوم مابلاقيش جنيه في جيبي".
استحقاقات انتخابية واستفتاءات وأعياد واحتفالات وغيرها من المناسبات، يحرص "المعلم أرنوب" الستيني على التواجد خلالها ويجوب اللجان الانتخابية سعيًا وراء رزقه، لا يكترث بمقدار المكاسب التي يحققها من بيع كل كوب عصير، قدر ما يهتم برضا من حوله مع توفير المكسب الكافي لمعيشته اليومية.
جنيهان وجنيهان ونصف، هما الأسعار الثابتة لمشروبات "عم أرنوب"، التي لا يفكر في تطويرها أو الإضافة عليها، يتنازل عنهم في تلك المناسبات رغبة في إرضاء الجميع من أهالي منطقته والمناطق المجاورة: "لو حد قالي معايا جنيه بس ماشي ولو مفيش خالص عادي برضه"، مؤكدًا أن تلك المناسبات تحمل الرزق له ولأقرانه بمختلف المهن: "ربنا بيحلي حاجة الشارع، دايما الاستفتاءات والانتخابات بتبقى رزق لينا".
وبدأ التصويت بالاستفتاء على التعديلات الدستورية منذ التاسعة صباح اليوم ويستمر حتى التاسعة مساءً في جميع أيام الاقتراع، تتخللها ساعة راحة بما لا يخل بسلامة عملية الاستفتاء، فضلًا عن إجراء عملية الاقتراع والفرز في حضور ممثلي وسائل الإعلام والمنظمات الصادر لها تصريح من الهيئة الوطنية للانتخابات.
تعليقات الفيسبوك