على مهل، يسير حسن محمد البدوى، بين رواد المولد، لسماع كل من ينادى ويقول: «يا سقا، والنبى كوباية ميّه عطشان»، فيلتفت نحو مصدر الصوت، ويتّجه صوبه على الفور، ثم يميل بظهره للأمام حتى يملأ الكوب بالمياه المثلجة، ويكمل جولته وسط الزحام.
يختفى «حسن» بجسده النحيل بين الناس، وعلى ظهره تستقر «صفيحة» باللون الأخضر كلون عمامته، ومكتوب عليها: «وسقاهم ربهم شراباً طهوراً، مدد يا سيدة زينب، مدد يا آل البيت»، حيث تمتلئ بالمياه، ومثبّتة بحزام شديد الإحكام ملفوف حول بطنه.
رغم الصوت العالى للابتهالات، لدى «حسن» قدرة على سماع نداء الظمآن: «باسقى فى سبيل الله، لا باطلب حاجة من حد، ولا بامنع حاجة عن حد، علشان ده خير من عند ربنا»، العادة التى يحرص على القيام بها كل مولد، رغم مشقتها، نتيجة ثقل «الصفيحة» وعدم توقفه عن الحركة طوال اليوم، لتلبية رغبات الجميع، بل يزداد حماسه فى كل مرة، وكلما شرب منه عدد أكبر من المواطنين، ينتشى فرحاً: «قبضت التمن حسنات مُقدماً، وكل ما باشرب حد باتبسط، ولو تعبان ربنا بيقوينى، حباً فى النبى وستنا زينب وآل البيت».
مهنة «حسن» طوال العام، هى عامل فى مسجد تابع للأوقاف بمحافظة أسيوط، ولديه 4 أبناء، منهم المتزوّج ومن يدرس، تركهم جميعاً فى بلدته، قائلاً لهم قبل سفره: «أنا رايح أخدم فى سبيل الله، وأروى العطشان، حباً فى ربنا اللى بيقوينى، وعمل الخير». صوت ياسين التهامى يزيده حماساً، فيُسرع من خطوات سيره، ويقول: «الشيخ ده باحبه، ولازم أسمعه». وعن الثقل الذى يحمله فوق ظهره، والذى قد يزيد على 40 لتر مياه، يقول: «تقيلة، بس ربنا بيخفّف عليا ويهونها.. معقول أسيب الناس عطشانة؟ ده اللى سقى كلب دخل الجنة، وأنا باعمل اللى يرضى ربنا».
لا يكتفى «حسن» بزيارة مولد السيدة زينب، بل يحرص على الذهاب لموالد السيدة نفيسة، السيد البدوى، الحسين، وعبدالرحيم القناوى، لتقديم أكواب المياه للرواد: «كل الناس هنا اتجمّعوا فى حب آل البيت، وأنا جاى علشانهم، وعلشان عارف العطش اللى بيحسوا بيه».
تعليقات الفيسبوك