«فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها.. فالذكر للإنسان عمر ثانٍ».. ينطبق بيت الشعر الذى نظمه أحمد شوقى على كثير من الشخصيات التى تمر بحياتنا، ولا تصبح الحياة بعدهم مثل الحياة قبلهم، وحتى بعد رحيلهم يحافظون على الظهور المتجدد، عبر أجيال جاءت وتأثرت بهم.. هكذا لعب أحمد خالد توفيق دوراً رئيسياً فى احتراف عدد من الكتّاب الشباب عملية الكتابة، تارة بإبداعه، وتارة أخرى بتشجيعه ورسائله المحفزة ولَفَتاته التى لم يكف أحدهم يوماً عن ذكرها والتأكيد عليها من باب الاعتراف بالجميل.
«تلميذة العراب».. هكذا تطلق الكاتبة الشابة شيرين هنائى على نفسها، حيث لا يخلو حفل توقيع أو ندوة خاصة بها من الحديث عن الراحل.. علاقة بدأت قبل فترة طويلة جداً، حين كانت الكاتبة طفلة فى عمر الـ11 عاماً تقريباً: «كنت بقرأ زى أى قارئ تانى، واتعلقت بيه وبرواياته اللى كانت رفيقة الطفولة والمراهقة والشباب وكل وقت تقريباً»، مع الوقت ظهرت لدى «هنائى» موهبة الكتابة، راحت تدون ما يجول بخاطرها دون أن تفكر للحظة أن ما تنتجه يستحق النشر.
«مجرد هواية»، هكذا اعتادت أن تسمى ما تنتجه طوال فترة دراستها بكلية الفنون الجميلة، وعقب تخرجها انتهت من روايتها الأولى «الموت يوم آخر». تقول «هنائى»: «نشرت هذه الرواية لاحقاً، لكن الأمر المهم بشأنها أنها كانت بداية التعرف الفعلى بينى وبين أحمد خالد توفيق عبر صديقة لى كانت تعمل معه فى موقع «بص وطل»، روايتى كانت متأثرة بأجواء الرعب وطريقة دكتور أحمد، وقد فوجئت برده علىّ فى بريد إلكترونى مطوّل، ناقش خلاله كل جوانب الرواية، تعجبت جداً، وقلت لنفسى بالتأكيد هذه هى المرة الأولى والأخيرة التى يقتطع فيها من وقته ليرد علىّ ويهتم بما أفعل، لكنى كنت مخطئة».
"شيرين": أعتبر نفسى امتداداً لـ"توفيق".. وهو مَن حوّلنى من الهواية للاحتراف
اكتشفت «هنائى» لاحقاً أنها تتعامل مع شخص يبدى اهتماماً شديداً بأى شخص لديه موهبة أو اختلاف، حتى لو لم يجمعهما سوى لقاء واحد أو محادثة واحدة.. «لما انتهيت من روايتى نيكروفيليا أرسلتها له، أبدى استغراباً من المحتوى، وحذرنى من رد الفعل، لكنه شجعنى فى الوقت نفسه على النشر، والمفاجأة الكبرى كانت فى رأيه الذى أرسله لى، وشرّفنى بوضعه على الغلاف الخلفى للرواية». ولم ينقطع التواصل بين «شيرين» و«العراب» حتى وفاته.. مدينة له بالفضل تعترف: «كل حاجة وصلت لها فى مجال الكتابة كانت بدايتها من عنده».
تعتبر «هنائى» نفسها امتداداً لأستاذها، ليس فى نوعية المنتج الأدبى فقط، لكن فى شخصيته كأديب، من حيث الخُلق ومساعدته للغير، والنشاط والحماس اللذين يتابع بهما عمله: «فى حفل تأبين له، فوجئت بقارئة جاية من السودان عشان تقول لى إنتى اللى فاضلة من ريحته، كلامها حط على كتافى عبء مكنتش متخيلاه الكلمة دى اتكررت كتير من ناس كتير خاصة من أصدقاء مقربين، فوجئت إنه كان حاكيلهم عنى، كل ده خلانى حسيت إنى لازم أكون قدّ المسئولية دى».
بداية لا تختلف كثيراً كأنها وقعت فى شارع واحد على بعد نقطتين، كتاب بالصدفة، يقع فى غرامه صاحب النصيب، ولا يلبث أن يبحث كالمحموم عن بقية الأعمال، يتحدث عن هذا رامى حمدى، الكاتب الشاب الذى صادف أن كانت أولى قراءاته فى طفولته لأحمد خالد توفيق: «كنت فى السعودية والكتب كانت قليلة، كنت طفل خوّاف شوية، بحاول أثبت لنفسى إنى مش بخاف، ووقعت فى إيدى أسطورة مصاص الدماء، وقرأتها من باب التحدى لنفسى، ماحسيتش بخوف، بالعكس عرفت إن فى عالم الأدب مفيش خوف، لكن فيه استمتاع وسعادة».
«رامى» واصل القراءة لكاتبه الذى بات المفضل بالنسبة له، وبالمصادفة ينتمى لبلدته نفسها، «طنطا»، والتى عاد لها عقب سنوات طويلة من الغربة ليستقر بها، ويرى كاتبه المفضل للمرة الأولى عقب انتهائه من الثانوية العامة: «قابلته فى حفلة توقيع فى طنطا، كانت أول مرة أشوفه، كان بالنسبة لى شخص مبهر، كنت قاعد أنا ووالدتى فى الصف الأول، ومركز على إيديه وصوابعه، ابتسم، وبعد الندوة سألنى بتعمل إيه فى حياتك، قلت له بحاول أكتب قال لى ما دام عندك صوابع زى صوابعى، وعندك فكر وهدف تقدر تعمل عالم زى ده».
تعليقات الفيسبوك