يأتون من أقصى الصعيد إلى حديقة الأورمان، للبحث عن رزقهم، ينامون ويستيقظون على رائحة الزهور بمختلف أشكالها وألوانها، يلعبون دور الحارس الأمين للشتلات فى المساء، ويحملونها للزبائن مع طلوع الشمس، ولا يغادرون أسوار معرض الزهور السنوى على مدار الـ24 ساعة. «عمال البرويطة»، كما يُطلق عليهم رواد كرنفال الزهور، ينتشرون فى جميع أنحاء المعرض، بحثاً عن مشترٍ يتعثر فى نقل بضاعته إلى سيارته الخاصة أو الأجرة غير المصرح لها بالدخول، للفوز بمكاسب ينتظرونها من عام إلى آخر.
يزرعون الشتلات ويحرسونها وينقلونها للزبائن
بالقرب من البوابة الرئيسية للمعرض، وقف راوى أبوالحسن بـ«برويطة» جديدة، بدلاً من القديمة المتهالكة، يتطلع للمارة وينتظر أن ينادى عليه زبون، حتى جاء الفرج بعد مرور 3 ساعات، ونقل بعض أحواض زرع، لتعلو الابتسامة وجهه: «لسه دافع 400 جنيه فى البرويطة، ومادخلش جيبى جنيه».
على مدار 17 عاماً، يعمل «أبوالحسن» فى المعرض منذ كان يُقام فى منطقة المساحة، حيث كانت أعداد عمال «البرويطة» محدودة، وأحوال العمل مختلفة: «كنا الأول 15 واحد بس، دلوقتى إحنا أكتر من 200، والزباين قلت، والرزق بقى قليل»، وبعد انتهاء أيام المعرض يعود لمهنته «مبيض محارة»، التى يمارسها باقى شهور السنة، فى منطقتى التجمع الخامس ومدينة السادس من أكتوبر: «لما الشغل يريح بندور على باب رزق تانى».
عبدالرحيم على، 34 عاماً، يأتى إلى بالمعرض منذ 15 عاماً، يسير على قدميه منذ طلوع الشمس وحتى غروبها، لا يتوقف عن العمل إلا لالتقاط أنفاسه، يزرع وينقل للزبائن البضاعة، ويحرس بعض الأماكن لأصحابها فى الليل: «كنت زمان باعمل النقلة بجنيه، دلوقتى وصل لـ20 جنيه، وساعات 50»، ويحكى أنه يجيد الزراعة ويذهب لزراعة الفيلات مع الزبائن، ويتابعها طوال فترة وجوده بالمعرض.
يأتى ابن محافظة سوهاج كل عام للعمل فى المعرض بـ«البرويطة» إضافة إلى عمله كـ«شيال للرمل والزلط والطوب»، حتى يعود بمصاريف طفلته الوحيدة: «باشتغل فترة المعرض بس، وبارجع بلدنا»، ويشتكى من صعوبة الحياة وقسوتها وقلة فرص العمل داخل المعرض، بعد غلاء أسعار الزهور وقلة الزبائن: «بنتعب ونشقى طول اليوم، بس هنعمل إيه أكل العيش مُر».
ينام محمد أحمد، 27 عاماً، فى الخلاء وسط الزهور على مدار الـ45 يوماً فترة المعرض، ويحرس الشتلات ويتحمّل مسئوليتها: «ممكن أطبق يومين تلاتة وأفضل ماشى بالبرويطة أدور على زبون»، المهنة التى مارسها طفلاً فى الثانية عشرة من عمره، حين كان يأتى مع عمه من أسيوط لمساعدته داخل المعرض: «باسترزق وبازرع»، كما تعلّم فنون زراعة الفيلات بالممارسة، وأتقن أنواع الزرع والزهور، وبدأ ينصح بها الزبائن: «الدنيا اتغيرت ولازم نتطور معاها».
تعليقات الفيسبوك