بأطوال لا تزيد عن 140 سم وأعمار تتراوح بين 17-35، بدأت أحلامهم برفع اسم مصر عاليا لتكوين أول فريق كرة قدم مصري من قصار القامة، يأملون أن يتم تسجيله في الاتحاد المصري لرياضات الأقزام، الذي تم إشهاره نهاية فبراير الماضي، ويتم اعتماده ليصبح "منتخب مصر لكرة القدم من قصار القامة".
لم يُثنه كونه في العقد الرابع من عمره على أن يصبح عضوًا في حلم قديم راوده، فسارع أحمد عبد الرازق، 35 سنة، كي يلعب كرة القدم مع فريق "نجوم الخير" من قصار القامة، يأتي من الإسكندرية إلى مركز شباب الجزيرة كلما تحدد موعد للتمرين، محاولا التوفيق بين عمله وهوايته القديمة، ومتحملا مشقة السفر، التي وصفها بـ"التضحية الواجبة"، في أول الطريق حيث قال لـ"الوطن": "من زمان وأنا بحب ألعب كورة وكنت بلعب مع زمايلي، لكن معرفناش نعمل دورات لأن مكانش فيه فريق زينا"، لكن مع توجه الدولة نحو الاهتمام بذوي الإعاقة تشجع عبد الرازق ورفاقه، لتكوين فريقهم نحو مزيد من الدمج، "الدولة أهتمت بذوي الإعاقة والدمج في المجتمع، وتشجعت بعد فترة كبيرة لا أمارس الكورة، وأول ما بدأنا الفريق رجعت تاني وطموحي اتجدد ومع التدريبات إن شاء الله الفرقة تقف على رجلها، وخصوصا إننا قدرنا نأسس الاتحاد ومن خلاله نقدر نخاطب جميع الاتحادات اللي زينا ونشارك".
وتابع أحمد عبد الرازق: "مثلي أبو تريكة وبركات ومحمد صلاح حاجة تانية، وزين الدين زيدان، إحنا لسه فريق حديث بس بالمستوى اللي شايفينه هنقدر نعمل حاجة لازم ناخد بطولة".
عبد الفتاح هشام أصغر اللاعبين بأول فريق كرة قدم مصري من قصار القامة، حيث لا يزال يدرس بالثانوية العامة، جاء الفريق ليكون بارقة أمله نحو ما أحب، فبوجه تعلوه الفرحة بعد أن أدى شوط في المران قال ابن البدرشين: "أنا بحب الكرة من زمان ونفسي أبقى زي أبو تريكة وكابتن إبراهيم كلمني علشان يضمني للفريق".
وبهدف الوجود بين أقرانه من قصار القامة، يسعى محمد فتحي، 30 سنة من الإسكندرية، نحو استغلال مهارته البدنية نحو المشاركة في كل الأنشطة الرياضية المتاحة له، فكان عضوا في أول فريق غطس من قصار القامة، ليبدا رحلة أخرى وهي لعب كرة القدم "أنا بحب الكورة ونفسي نلعب مع فرق برة ونبقى زيهم وخصوصا إننا مش أقل منهم في الأداء، بقينا بنتجمع أكتر غير الأول قبل تكوين الفريق"، فيما يرى فتحي الشهير بـ"عمرو الحناوي" أن التحركات الأخيرة تعمل على تغيير نظرة المجتمع بشكل إيجابي "نظرة الناس بتتغير بعد ما بقى عندنا أبطال وفنانين وموهوبين وبيوقفوني يسألوني غطست ازاي وعن لعب كرة القدم".
لعب في الدوري الدرجة الرابعة لمركز شباب عزبة النخل، ومع نادي النصر، ويشكل مع مجموعات فرق من لاعبين ليسوا بقصار القامة وينظمون دوري خاص بهم، ونظرا لمهارته فقد لعب وليد عصام، 29 سنة، لبعض الأندية حتى جاءه عروض للعب في الكويت، لكنه وجد في الانضمام لفريق كرة القدم من قصار القامة فرصة أفضل من اللعب مع غيرهم، ويصفه أي من يحضر تدريباتهم بـ "الحريف"، وقال "بلعب من وأنا عندي 7 سنين، ما صدقت إن الفرصة دي جت من عند ربنا، وأملي فريقنا يبقى المنتخب والوصول فيه هيبقى أسهل ونفسي ناخد كاس العالم بفريقنا".
كان موقع فيسبوك هو وسيلة محمد محسن، 25 سنة، خريج كلية التجارة القاهرة، كي يعرف عن جمعية النجوم الخيرية، وبمجرد أن عرف عن احتمال تكون فريق مصري لكرة القدم من قصار القامة، يشارك في بطولات عالمية تحمس للفكر وبدأ التمرينات ليعود للعب الكرة مرة أخرى، بعد أن تركها من أجل السباحة والسلة "الكورة لبعة شعبية وكلنا بنحبها وأول ما عرفت نزلت معهم، ونفسنا نوصل لحاجة حلوة في الفريق عامة وأسافر ألعب في البرازيل أو البرتغال في نادي معروف".
الود والتعاون هو الجو السائد بين الفريق وفقا لمحمد محسن "فيه روح رياضية ما بينا وود وتعاون ولو فيه حد مستواه أقل بنشجعه لحد ما يبقى أحسن.. أحنا بنعمل حاجة بنحبها مالناش دعوة بردود أفعال الناس".
اجتماعه مع قصار القامة منذ سنوات يبحث معهم عن حلول لمشاكلهم كعمل تطوعي، جعله يقترب من واقعهم كثر ليكتشف مواهبهم ومهاراتهم، ولكون إبراهيم مراد البالغ من العمر 53 عاما، مدرب كرة قدم بمركز شباب المعادي، فكر كثيرا في أن يكوْن فريق لهم وخصوصا بعد أن شاهده بعض المغاربة في مركز شباب الجزيرة معهم وعاد إلى بلاده لينفذ الفكرة، ثم جاء تواصله مع جمعية النجوم الخيرية ليكون الفريق أمرا واقعا، فوجه مراد والجمعية دعوة لقصار القامة عبر موقع فيسبوك استعدادا لتكوين الفريق من كل من يجد في نفسه موهبة واختيار المواهب الأفضل: "معهم من زمان وشوفت مواهبهم ومهاراتهم وحبهم للكورة، يبقى ليه ميبقاش فيه فريق ونكون أول ناس في الوطن العربي لكن المغاربة شافونا وسبقونا، لحد ما رئيس جمعية النجوم قابلنا والحلم اتحقق، وهنسجل في الاتحاد وإن شاء الله نلعب في كوبا أمريكا مع المغرب والارجنتين والبرازيل"، ولكن الأمر يختلف بين تدريب قصار القامة عن غيرهم فيحاول إبراهيم مراد، مدرب أول فريق كرة قدم من قصار القامة ورئيس قسم بشركة أدوية بيطرية، أن يراعي ذلك أثناء مرانهم "العضلات ضعيفة ومعظمهم مصاب باعوجاج في العمود الفقري والعضلات الخلفية والأمامية قصيرة، وهذا ما يؤثر على تدريب الأحمال والجري.
وقال علي شعبان رئيس جمعية النجوم الخيرية ومؤسس أول فريق كرة قدم من قصار القامة، في حديثه لـ "الوطن" إن الجمعية تتبني أبطال المستحيل، وأن فريق الكرة جاء بعد أن نجحت فكرة أول فريق للغطس من قصار القامة، والذي تم تدشينه في مهرجان تنشيط السياحة العام الماضي والذي نظمته الجمعية بإشراف وزارة الشباب والرياضة، كما تسعى الجمعية لضم فريق كرة القدم للاتحاد المصري لرياضات الأقزام ليصبح اسم "منتخب مصر" بدلا عن مشاركته باسم "فريق نجوم الخير" وخصوصا بعد كون الفريق عضوا مؤسسا في الاتحاد العالمي لفرق كرة القدم من قصار القامة بالأرجنتين.
وأضاف شعبان أن الجمعية أرسلت دعوة لكل من يحب أن يلمس كرة القدم وليس فقط لعبها وبدأ الفريق بـ 3 لاعبين ثم 5 حتى وصل إلى 25 لاعب، كما تسعى الجمعية لتأسيس نادي نجوم الخير ليصبح منارة تجمع كل أبطال المستحيل من قصار القامة على مستوى كل الرياضات وخصوصا بعد مبادرتها منذ بضعة أشهر بتشكيل فريق كرة الراكيت الشاطئية، ومن المقرر أن تشارك كل هذه الفرق في فعاليات على هامش المهرجان الثاني للجمعية في شرم الشيخ لتنشيط السياحة نهاية مارس الجاري.
تعليقات الفيسبوك