قطعا مشوارا دراسيا واحدا منذ صغرهما، وافترقا قبل منتصف الطريق، أحدهما لا يزال يكمل رحلته التعليمية، والآخر ترك تعليمه منذ كان في صفه الخامس الابتدائي، عقب وفاة والده مباشرةً، واضطر حينها للخروج للعمل من أجل إعالة أسرته، المكونة من 4 أشقاء بخلاف والدته، مرَّت السنوات وكبر الأشقاء واستكملوا تعليمهم، وأرادوا شكر أخيهم على هذه التضحية، وكتبوا له بعض كلمات من الشكر والعرفان، لم يستطع قرأتها أبداً، حينها شعر بالأسى والحزن، وأنه فقد حياته وخسر كثيراً، حتى فاجأه صديق الطفولة بمساعدته في تعلم القراءة والكتابة مرة أخرى، واستكمال ما فاته من التعليم، وتخصيص جزء كبير من وقته لمساندة صاحبه.
محمد خاطر، 20 عاماً، من قرية البرمبل بمركز أطفيح بمحافظة الجيزة، طالب بالفرقة الثانية في كلية الآداب بجامعة القاهرة، يحاول أن يعوض صديقه "محمود" عما فاته وأيام الشقاء التي عانها من أجل مساندة أسرته، ويستعد كثيرًا بتحضير بعض الكتب الدراسية التي تلزمه لتعليم صديقه القراءة والكتابة "بقى يقولي مش عارف أقرأ اللي قدامي واسمي بكتبه بالعافية عشان حافظ شكله، غير كده مبعرفش أقرأ أي كلمة وبتحرج جداً لو حد إداني ورقة أقرأها أو اتعرضت لموقف في الشارع ومقدرتش أقرأ الاتجاهات اللي قدامي واتوه"، بحسب "محمد".
ويحدد 3 حصص أسبوعية لصديقه من أجل تعليمه "إحنا دخلنا مدارس مع بعض من وإحنا صغيرين لكن هو طلع منها بعد أبوه ما مات وصعب عليا جدًا ووقتها كنت صغير جدًا ومكنتش أقدر أقدم له حاجة، بس لما كبرت شوية حطيت في دماغي أني لازم أساعده ولم أتركه لأن اللي حصل مكنش بمزاجه".
وبدأ "محمد" تعليم صديقه منذ فترة قريبة جدًا، وهو الأمر الذي عاد على الصديق بالفرحة العارمة التي أعادت ثقته بنفسه مرة أخرى "لما فاتحت محمود في أني أعلمه تاني فرح جدًا واتبسط كأنه طفل صغير راجع تاني لمدرسته، قالي أكتر حاجة بسطتني إني هقدر الكلام اللي إخواتي كاتبينه ليا في الورق عشان يشكروني أني وقفت جنبهم واحد واحد".
تعليقات الفيسبوك