كان حلمه الأزلي ألا يعمل تحت إمرة أي شخص، فهو صعيدي و«الصعايدة دمهم حر» لا يقبلوا إلا أن يكونوا متحكمين في تفاصيل حياتهم، وعلى الرغم أن العمل كـ«بائع سكسونيا» لن يحقق له رغد العيش أو حتى الحد الأدنى منه إلا أن محمد الرشيدي اختاره وسيلة رزقه ضاربا بعرض الحائط كل النصائح، فهو يريد أن يصبح «صعيدي حقيقى مش أي كلام».
محمد، الذي يمكن اختصار حياته فى كلمتين هما «اللف والدوران» في شوارع المحروسة، أكد أن البعض يراه مجنونا أو ساذجا، ولكنه يفعل ذلك من أجل الحفاظ على أصله الصعيدى: «بلف شوارع مصر على رجليا، من 9 الصبح لغاية 10 بالليل، معيش ركوبة تسهل الدنيا، ده غير الشيلة التقيلة اللى بتحرك بيها فوق دماغي، لأن مقدرش أشيلها بأيدى، ويومي معتمد على وجبتين هما الفطار والعشا وكل ده مش بتأثر بيه، المهم أن أفضل صعيدى وانقل لولادى الفكرة دي، إن الصعايدة ميقبلوش ياخدوا الأوامر من حد».
أصل محمد هو مدينة «المنيا»، ولكن بحثا عن الرزق، انتقل للعيش في القاهرة بمنطقة منشية ناصر مع زوجته وأبنائه: «شغلانة السكسونيا مبقتش تأكل عيش زي زمان، يعني ممكن ألف طول اليوم، وفي الآخر مطلعش بجنيه واحد، وساعات الستات بيتذاكوا عليا ويدوني الهدوم بأسعار تتساوى بالظبط مع سعر الأطباق البلاستيك اللي بياخدوها، فبطلع من المولد بلا حمص، مع أن الشيلة دي كلها بـ1600 جنيه، وأنا اللي شاريها على حسابي بعد ما جوشت قد كده، يعنى شغلانة كأني بخسر».
يبيع محمد، 46 عاما الملابس القديمة، التي يحصل عليها من عملية الاستبدال، لبعض الفلاحين الذين يقومون بتصليحها وبيعها للفقراء في قرى ونجوع مصر بأسعار زهيدة: «آه بيكون هدفنا المكسب مش هنكر، لكن أنا مع زملاء ليا، بنحط في بالنا نساعد غيرنا من الناس الفقرا، يعني بنقدم لهم الهدوم الحلوة والجميلة بأسعار رخيصة جدا بعد ما نعمل رفا لأي قطع فيها علشان يحسوا إنهم عايشين وبيلبسوا زي الناس على الموضة حتى لو كانت مستعملة».
تعليقات الفيسبوك