أبطال الفيلم، ليسوا مرئيين، فهم في عداد المفقودين أو المختفين قسرًا منذ 28 عام، أو أكثر، ولم يبقى منهم سوى ذكريات في أذهان أهاليهم، وعشرات من الملصقات احتفظت بوجوهم على الجدران، والألم المختلط بأمل العودة.
"طِرسْ.. رحلة الصعود إلى المرئي"، الفيلم الوثائقي، الذي فاز مساء اليوم، بجائزة "فتحي فرج" لأحسن إسهام فني، في مسابقة أسبوع النقاد الدولي، في ختام الدورة الـ 40 من مهرجان القاهرة السينمائي، أخرجه غسان الحلواني"، وهي ليست الجائزة الأولى، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم للأفلام الوثائقية الطويلة بـ" بالتانيت البرونزي".
الفيلم تجربة حقيقية عاشها المخرج غسان الحلواني، فوالده "زياد الحلواني"، أحد المختطفين المفقودين، الذي عاشت والدته "وداد الحلواني"، حياتها تبحث عن زوجها الذي اختطف أمام عينيها في عام 1982، خلال الحرب الأهلية اللبنانية، في رأس النبع في بيروت، لا تعرف عنه أي شيء حتى الآن.
الحرب الأهلية التي دارت في لبنان بين(1975 ــ 1990)، خلفت مخطوفين أو المفقودين قسر، مازال قضاياهم شاغلة لأهلم وأقاربهم، في محاولات مستمرة للوصول لأي معلومة عن مصيرهم، حتى بالنبش والبحث في المقابر الجماعية التي احضتنت رفات مجهولة.
"الطرس"، التي احتلت الجزء الأول من عنوان الفيلم، تعني باللغة العربية "الصحيفة، التي محيت ثم كتبت"، فرؤية عثمان، الإخراجية مختلفة عن موضوع المفقودين جراء الحرب، هي ضرورية بإزالة كل الضبابية واللبس الذي لا يزال يرافق مصيرهم وإعادة الاعتبار لهم والاعتراف بهم كلبنانيين وكضحايا لتلك الحرب التي دمرت لبنان لحوالي ثلاثة عقود ولا تزال تداعيتها ماثلة الى اليوم في مخيال ووجدان كل مواطن وكل عائلة لبنانية، وفقا لـ"غسان"، خلال حلقة نقاشية في مهرجان "قرطاج".
حاول غسان، في هذا العمل معالجة هذه القصة، من زاوية تبدو مختلفة قوامها استنطاق "الماضي المؤلم"، من خلال مجموعة من الصور.
الغموض الذي يعيشه أهل المفقودين، والحالة النفسية الحزينة، فرضت إيقاع تراجيدي برؤية فنية أراد عثمان، من خلالها نقل مجموعة من الرسائل المهمة، أبرزها ضرورة مضاعفة البحث حول مصير هؤلاء المفقودين، "فأهليهم بعضهم توفي، والبعض هرم، والبعض الأخر جن، دون أن يعلم مصير من ذهبت بهم الحرب".
لم تكن المرة الأولى التي تظهر فيها آلام هذه الأسرة الصغيرة، "غسان"، ووالدته "وداد"، فدارت أحداث الفيلم الوثائقي "أحلام معلقة"للمخرج جان شمعون ومي المصري، الذي خرج للنور في أوائل الستعينات، مستلهمة من السيدة وداد، وفي 2002 تناول "طيف المدينة"، الفيلم الروائي الطويل والوحيد للمخرج جان شمعون قصة زياد الحلواني نفسه.
تعليقات الفيسبوك