أول غواصة
في عام 1776 وبالتحديد خلال شهر سبتمبر، كان العالم على موعد مع حدث فريد من نوعه، فلأول مرة على مر التاريخ، استخدمت الغواصة لأغراض عسكرية.
وبعد مضي نحو قرن ونصف عن تاريخ ظهور أول غواصة قابلة للقيادة على يد المخترع الهولندي كورنليس فان دريبل (Cornelius van Drebel) اعتمد الأمريكيون، في سابقة تاريخية، خلال حرب الاستقلال على الغواصة لتنفيذ هجوم ضد إحدى القطع البحرية البريطانية.
وعمل المخترع الأمريكي دافيد بوشنيل، في أثناء فترة دراسته بجامعة "يال" (Yale)، على تطوير الألغام البحرية ومن أجل استخدامها بشكل جيد لأغراض عسكرية تيقن بوشنيل من ضرورة الاعتماد على الغواصة والتي امتلكت القدرة على التخفي تحت الماء والاقتراب من العدو دون أن يلاحظ الأخير ذلك، بحسب "العربية".
بالتزامن مع ذلك، عمل دافيد بوشنيل طيلة الفترة التالية على مشروع غواصته ليتمكن في النهاية من صناعة واحدة، اعتمادًا على نماذج قديمة.
وكانت طول غواصة بوشنيل، المصنوعة من الخشب والمغلفة بالقطران، 8 أقدام ولتحريكها اعتمد طاقمها المتكون من شخص واحد على القوة اليدوية.
فضلًا عن ذلك، وفرت هذه الغواصة، والتي لقّبت بالسلحفاة (Turtle) نسبة لشكلها، كمية أكسجين كافية لنصف ساعة تحت الماء.
ومع اندلاع حرب الاستقلال الأمريكية سنة 1775، وافق المخترع دافيد بوشنيل على منح غواصته للبحرية الأمريكية والتي لم تتردد في استخدامها خلال محاولة إغراق إحدى السفن الحربية البريطانية بميناء نيويورك.
وفي يوم السابع من شهر سبتمبر سنة 1776، شهد العالم أول استخدام لغواصة من أجل أغراض عسكرية، وأوكل المسؤولون الأمريكيون مهمة قيادة الغواصة "السلحفاة" للبحار إزرا لي والذي تلقى أوامر بتثبيت شحنة متفجرة موقوتة إلى السفينة الحربية البريطانية HMS Eagle الرابضة بميناء نيويورك.
وكان إزرا لي (Ezra Lee) في أثناء إنجاز مهمته، قادرًا على مشاهدة تحركات عدد من البحارة البريطانيين على سطح السفينة مستغلًا عامل تخفي غواصته تحت الماء.
وفي أثناء ذلك، فشلت الغواصة السلحفاة في أول مهمة لها، وعجزت الأخيرة عن تثبيت الشحنة المتفجرة نحو قعر السفينة (HMS Eagle) بسبب عدم قدرتها على إحداث ثقب بإحدى القطع الحديدية أسفل السفينة، ليقدم "إزرا لي" عقب ذلك على إلقاء الشحنة المتفجرة الموقوتة والفرار خاصة مع ملاحظة البحارة البريطانيين لوجوده.
وخلال الدقائق التالية، انفجرت الشحنة التي نقلتها الغواصة السلحفاة دون أن تلحق أي أضرار بالسفينة (HMS Eagle) لتلقي بناء على ذلك أول مشاركة للغواصة في الأعمال العسكرية فشلًا ذريعًا.
وخلال الأسابيع التالية، فشلت الغواصة "السلحفاة" في إنجاز جميع مهماتها العسكرية، وجاء ذلك قبل أن تدمّر الأخيرة عقب نجاح البريطانيين في إغراق السفينة التي كانت تقلها في أثناء معركة فورت لي (Fort Lee).
ورغم من فشل غواصته، وافق الرئيس الأمريكي جورج واشنطن (George Washington) على منح دافيد بوشنيل وظيفة مهندس بالجيش الأمريكي، وعقب نهاية حرب الاستقلال حصل الأخير على رتبة قائد لفرقة المهندسين العسكرية بوست بوينت (West Point).
تعليقات الفيسبوك