صغار لكنهم مميزون، تلمحهم من وسط زحام زبائن الفجالة، ينقلون الأدوات بهمة ويتحركون بخفة لأداء مهام عملهم داخل المكتبات على أكمل وجه، يقضون فترة إجازتهم الصيفية داخل هذا المكان لكسب أجرة يومية تساعدهم على شراء الزي المدرسي وأخذ مستلزمات الدراسة بالمجان مع نهاية الموسم، ليبدأوا عام دراسي سعيد بعد أن تفادوا الظروف المادية الصعبة التي تلاحق أهاليم.
يجر كريم مصطفى صاحب الـ13 عام "الأزأ" وكأنه رجل كبير لا يبالي الوزن الذي تحمله، يقف يستريح تارة ويكمل نقل البضائع تارة أخرى حتى يصل بها للمكان الذي يحدده صاحبها، يبدأ الصغير عمله يوميًا من السابعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، ثم يعود لوالديه في الجمالية يعطيهم كل ما حصل عليه من أموال في نومه ثم ينام ليبدأ يوم جديد.
"بقالي 3 سنين بشتغل نفس الشغلانة في الإجازة هنا عشان نجيب الجنيه"، لهجة تسبق عمره اختار أن يتحدث بها ليثبت أنه مسؤول متجاهلًا طفولته التي ترسم ملامحه: "لازم نعتمد على نفسنا ونستحمل التعب"، له أربعة أشقاء ثلاثة منهم في الدراسة يتحمل تكاليف ملابسهم وأدواتهم كل عام بصفته الأخ الأكبر الذي انقل للصف السادس الإبتدائي: "أيام الدراسة مبشتغلش بركز في مذكرتي"، يحلم بأن يكون صاحب سلسلة محلات في الفجالة لإعجاب الشديد بتلك المهنة التي تستهويه: "شغلانة نضيفة وحلال"، يصل أجره اليومي لـ200 جنيه على حسب عدد النقلات التي ينقلها للزبائن: "بعمل النقلة للموقف بـ15 جنيه".
يقف يوسف صاحب الـ15 على باب المكتبة التي يعمل بها ينتظر تعليمات صاحب المكان لنقل الكراريس والكشاكيل والأدوات المدرسية إلى الزبائن بعد اختيارها، وإحضار غيرها من المخزن: "ده شغلي طول اليوم"، أتى مع نهاية الامتحانات مع شقيقه إلى العاصمة من مسقط رأسه أسيوط للعمل في فترة الإجازة مقابل 70 جنيه يوميًا كفيلة أن تشتري له ملابس العام وأخذ هدايا لوالدته وهو عائد: "برجع قبل المدرسة بيوم، والشغل هنا أحسن من اللعب في الشارع".
تعليقات الفيسبوك