بمجرد استيقاظه من النوم، يذهب ليكسب قوت يومه، من أعلى كوبري أكتوبر، فيبدأ بالتجول سيرا على الأقدام بحثا عن أي عطل على الطريق حاملا بيديه حقيبة "عدته"، وعندما يشعر بالتعب يأخذ قسطا من الراحة على أحد الأرصفة، ثم تلمع عيناه عندما يرى سيارة متعطلة يبحث سائقها عمن ينجده، لتلخص يومه مقولة "مصائبُ قوم عند قوم فوائد".
منذ عام 2004، قرر محمد ترك الورشة التي يعمل بها ليبدأ العمل بمفرده كـ"ميكانيكي طوارئ" بعد احترافه المهنة: "كان صاحب الورشة بيقول لي اطلع الكوبري هات لي أي عربية عطلانة، زهقت من الشغل معاه وقولت ليه ما اشتغلش مع نفسي طالما بعرف أصلح العربيات".
وعن أغلب الأعطال التى يصادفها "ميكانيكى كوبرى أكتوبر" يقول، لـ"الوطن": "اللى ترومبة بنزبن، قطعة سير، جابت ترومبة مية"، أغلبها أعطالاً بسيطة لا تستلزم الرجوع للورشة أو استخدام معدات مختلفة، يستكمل حديثه: "لو فى عربية فيها عطل كبير، بتصل بحد يجيب لى قطع غيار أو بزقها لحد الورشة بدل الونش وآخد المقابل".
بعض أصحاب السيارات ينتابهم القلق بمجرد رؤية الشاب الثلاثيني، وهي مشكلة كثيراً ما يصادفها نتيجة تعرض بعضهم للنصب من قبل بعض الأشخاص المزيفين، الذين يحصلون على أموال للذهاب وشراء مستلزمات إصلاح السيارة، لكنهم لا يعودون مرة أخرى "لما أدخل على حد بيقلق ويطلب الونش، طيب ليه ما أنت الـ500 جنيه دى بتاعة الونش ممكن أنا أصلحها على الكوبرى أنا أولى".
يصلح "محمد" الذى ترك المدرسة منذ المرحلة الإعدادية نحو 6 سيارات فى اليوم وأحيانا أتوبيسات أيضاً، وعن المبالغ التي يحصل عليها يقول: "العربية باخد منها 50 جنيهاً مثلاً وممكن من عربية واحدة الزبون يدينى 500 جنيه، وفى واحد بعد ما أصلحها يقول لي روح يا عم، وفى ناس فعلاً معهاش"، رغم ذلك يطالب البعض بالاحتفاظ برقم هاتفه لمساعدتهم فى حالة الطوارئ "مرة واحد كان رايح إسكندرية عربيته اتعطلت، كلمنى وروحت له".
تعلم "محمد" أساسيات المهنة من والده الذي كان يعمل سائقا في شركة سياحة، ولم يفكر في فتح ورشة لنفسه بسبب تكاليفها من إيجار وضرائب وكهرباء، رغم أنه يحتاج إلى زيادة دخله كونه تزوج من زوجه أخيه المتوفى لتربية أبنائه: "عارف أني لو تعبت محدش هيسأل عليا ومش هلاقي مصدر دخل، ولما حبيت اشتغل مكان والدي لما مات قالوا لي أول ما التعيين يفتح ولحد دلوقتي مفتحش".
ويتمنى "ميكانيكي الطوارئ" شقة للعيش بها بعد أن فقد الشقة الذي ورثها عن والده بسبب تحايل أحد أقاربه عليه: "نصبوا عليا وخدوها مني، ونفسي حد يرجعها لي منهم أو حتى أجيب شقة غيرها".
تعليقات الفيسبوك