علاقتهما لم تقتصر على العمل فقط، كانت أكبر من علاقة "أب وابنه"، ورغم أن حمدي مصطفى صاحب المؤسسة العربية الحديثة تعرف على خالد الصفتي كرسام ولم يكن على دراية بقدرته الفريدة على الكتابة إلا أنه استطاع اكتشاف ذلك بنفسه واستطاعا أن يُخرجا معا جيلا مثقفا يعشق القراءة محفورة في ذاكرته كل القصص.
ويحكي الصفتي، لـ "الوطن"، في ذكرى وفاة حمدي مصطفى السابعة، عن ذكرياته وبداياته معه بأنه تعرف عليه عندما كان في العشرينات من عمره، عندما دخل المؤسسة كرسام وساعده صديقه نبيل فاروق على اللقاء به: "شغلي كرسام فترة لا تتجاوز بضعة أشهر وقالي من نفسه أنت بتعرف تكتب وتقدر تكتب بنفسك وطلب إني اكتب كتاب".
"أنا كان عندي القدرة على الكتابة وبكتب في مجالات خارجية لكن أنا مقولتلوش ده وهو اكتشفها من نفسه".. قال الصفتي، الذي أوضح أنه حينها لم يكن هناك "رجل المستحيل وملف المستقبل" وكان مطلوب منه عمل سلسلة جديدة لكتاب منوعات خفيف، فشعر بمسؤولية كبيرة كونه يعتبر أو عمل متكامل بمفرده إلا أنه لقى تشجيعا كبيرا من حمدي قائلا له: "أنا عارف أنك تقدر وهتعمل حاجة كويسة جدا".
ثقة حمدي بـ "الصفتي" جعلته يخصص حملة إعلانية كبيرة لم يفعلها من قبل لمنتجات المؤسسة، ثم حصلت "فلاش" على نجاح كبير قائلا الصفتي: "ده جعله يزيد في احتضاني ويزيد في الوقوف جنبي في كل حاجة في حياتي حتى الجانب الخاص كانت العلاقة بيني وبينه علاقة أب وابنه حقيقي وصداقة"، فاعتاد على اللجوء له في كان حياته الشخصية وأي مشكلة مع أسرته يتدخل لحلها له وإبداء الرأي.
هذه العلاقة القوية كانت تساعد الصفتي في العمل بـ "نفس" على حد قوله، ويشعر أن المؤسسة هي منزله الثاني: "وسبحان الله أنا من 1989 لحد النهاردة لازلت بنتمي للمؤسسة حتى بعد رحيله لأن الحقيقة الجيل اللي هو رباه بغض النظر عن جيلي بس من قراء والتلاميذ وأولاده كمان، الشخصين طلعوا على نفس المستوى العملي والفكري والإنساني"، الأمر الذي جعل المنظومة مستمرة حتى الآن بنجاح.
"شخصيته مش عايز أقول عبقري لأن دي بتختزل في العقل لكن هو كان حد متمكن من كل شيء"، يحاول الصفتي التعبير عن حمدي ووصفه بأنه شخص لا يتكرر مرة أخرى وأنه كان لديه القدرة على احتواء الناس التي تعمل معه وجعلهم ينتمون للمؤسسة وله: "هو كان يستحق ذلك مش هنعتبر أنه كان ناصح فبيعمل كده عشان الناس متسبوش، لا طبعا لأن في النهاية الناس هي اللي بتبقى محتاجة شغل واللي يمشي في غيره".
وعن جانب العمل، يقول الصفتي إنه كان رجلا متفوقا لديه أكبر كتاب دراسي في تاريخ مصر ومشروع القرن فأعماله هي التي تتحدث عنه، كما أن هناك العديد من المواقف التي لا تنسى: "مش بس معايا مع كل الناس اللي حواليه واللي كان يشتغل معاه يحس أن وراه ضهر جامد، مواجهة الحياة عمري ما وجهتها في وجوده إلا وأنا مطمن مهما كانت وتتحل على احسن وجه".
ويتذكر الصفتي أن عندما مات والده في عام 1987 كان حزينا جدا عليه ولكن عوضه حمدي: "سنة 88 كانت حاجة غريبة، لاقيت أب تاني فضل لحد ما اتوفى أب بمعنى الكلمة"، ورغم سفره إلى دولة عربية لعدة سنوات إلا أنه ظل يتواصل مع حمدي ويزوره في منزله في الإجازات: "كان شغلي في الوقت ده قل لكن متوقفش لحد ما رجعت تاني من الخارج وبدأت اشتغل تاني".
وأكد الصفتي لـ "الوطن"، أن الفترة القادمة ستشهد نهضة كبيرة "إحنا بنخطط لحاجات كبيرة لأن الجيل التاني اللي هو أولاد حمدي طوروا كل حاجة والمنظومة مستمرة لحد دلوقتي".
تعليقات الفيسبوك