"سفاح بوسطن".. ألبرت دي سالفو
عامان سكن فيهما الرعب والخوف أركان مدينة بوسطن، فلم يكسر سكون هذه المدينة الهادئة، التي يتمسك سكانها بتعاليم الكنيسة، سوى مقتل 13 امرأة بشكل وحشي في أشهر الجرائم المسلسلة بالولايات المتحدة، وعرف القاتل بـ"سفاح بوسطن".
بين عامي 1962، و1964، جريمة تلو الأخرى، بدأت بسيدة في منتصف الخمسينيات من عمرها، تدعى "آنا سليسزر"، عثر على جثتها ملقاة على أرض المطبخ في شقتها الصغيرة ممزقة الثياب، ويظهر عليها علامات اعتداء وحشي وسادي مستخدما آلات حادة، مخنوقة بحزام "روب الحمام"، الذي كانت ترتديه، كما وجد رجال البحث الجنائي آثار رضوض وخدوش حول عنقها، ولم تكن التحقيقات والبحوث الجنائية آنذاك، بنفس قوتها حاليًا فلم يتم التعرف على هُوية القاتل خصوصًا مع عدم وجود شهود أو أي أدلة تذكر.
مر 15 يوما، وفي 28 يونيو 1962، وقف القدر بين القاتل والضحية، "ماري مولن"، في الـ85 من عمرها، حيث توفيت إثر أزمة قلبية بسبب خوفها الشديد، ولم يكن هناك وقت للاعتداء عليها، لكنه ترك توقيعه بجانب جثتها، حيث لاحظ رجال التحقيقات، ربطة عنق قد وُضعت إلى جوار الضحية، وقد تم ربطها باستخدام عدة جوارب "نايلون"، وتميزت بأنها كانت بنفس طريقة عقد حزام "روب" سليسزر، فقط أدرك رجال المباحث أنهم أمام قاتل متسلسل.
أما الضحية الثالثة، كانت في الـ68 من عمرها، قتلت بالطريقة نفسها، إذ اعتدى عليها القاتل وشُنقها بجوارب من "نايلون"، وعُقدت بالطريقة المميزة نفسها حول عنقها، حيث وجدها صهرها جثة هامدة في غرفة نومها، بعد أن اعتدى عليها القاتل بشكل وحشي بوساطة زجاجة نبيذ.
وفي اليوم نفسه سقطت الضحية الرابعة، "هيلن بلايك"، وكانت في الـ65 من عمرها، فلم ترد على هاتف منزلها، فقرر أهلها الوصول إلى شقتها حيث تسكن وحدها، فوجدوا جثتها.
وتسلق أحد أقاربها المبنى الذي تسكن فيه، لكنه تفاجأ بالمنظر الذي رآه، جثة هامدة رفع القاتل ثوبها، وباعد بين ساقيها بواسطة كرسي، ثم ترك علامته الشهيرة إلى جوارها باستخدام كساء وسادتها.

تناولت الصحف تفاصيل الجرائم المتتالية لـ"سفاح النساء في بوسطن"، مع بعض الشجب والحديث عن أداء الشرطة المتخاذل، وكانت ضحيتان أخرتان سقطتا، حتى توقفت هذه الجرائم لـ3 أشهر، حتى تفاجأت إحدى الفتيات بجثة زميلتها بالسكن ذات الـ20 عامًا، إذ اعتدي عليها وقتلت بالطريقة نفسها للسيدة المسنة في شقتها، ما زاد الحيرة عند رجال التحقيقات، فالقاتل كان يستهدف السيدات المسنات الوحيدات.
توالت الجرائم الواحدة تلو الأخرى، وكانت الضحايا الجدد في العشرينات من أعمارهن، وكانت آخر ضحايا وأصغرهم فتاة في عامها الـ19، قتلت في غرفتها، ولم تشك صديقتيها في مقتلها، سوى بعد أن أطالت النوم.
لفقر طرق الكشف والتحليل، لم يصل رجال التحقيقات إلى نتيجة، رغم توافر الكثير من الأدلة، كالبصمات، والدماء، والسائل المنوي، حتى قرر "السفاح" الإعلان عن هويته، وتقدم محامي بعرض لإدارة التحقيقات الأمريكية، لموكله "ألبرت دي سالفو"، يعترف بتفاصيل جرائمه، رغم أن يكن اسمه منذ البداية في قائمة المشتبه بهم.
كان "دي سالفو"، محتجزًا بإحدى المصحات النفسية، إثر ارتكابه جرائم قتل واغتصاب بوحشية، واعترف بارتكابه جرائم "بوسطن "، وكتب اعترافه وسلم نفسه للشرطة، وكانت أول واقعة قتل متسلسل يسلم فيها الجاني نفسه والاعتراف بجرائمه تفصيلا دون مراوغه.
ترجع عقدة "دي سالفو"، لوالده السكير، حيث كان يضرب أمه الضعيفة، بشكل مبرح، ولا يهدأ حتى يصيبها ويكسر أسنانها أو أصابعها أمام مرأى من أبنائه، عمل "ألبرت"، وهو في الـ15 من عمره، في الحقول مقابل 5 دولارات.
شاهد ألبرت، والده يأتي بالعاهرات إلى المنزل، ومارس الجنس وهو في الثامنة من عمره مع سيدات، وطرد من الجيش بسبب تحرشه بفتاة ذات 9 أعوام، وكان مهووسًا خلالها بالممارسات الجنسية الشاذة.
وبعد اعترافه بتفاصيل جرائمه في بوسطن، أدين وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بدلاً من الإعدام، حتى تغلق القضية، بعدما عاد عن اعترافاته، ولكن عقب 6 أعوام قُتل دي سالفو في زنزانته طعنًا، ولم يعلم أحد من قاتله!
وبعد 50 عاماً، أثبتت هذه فحوصات الحمض النووي، أن "دي سالفو"، هو "مصدر الحيوان المنوي"، الذي عثر عليه على الضحية الأخيرة، وفي البيان الذي أصدرته الشرطة الأمريكية، قالت: "إنها المرة الأولى التي تؤكد فيها القوى الأمنية أنه وراء إحدى عمليات القتل"، التي أعلن مسؤوليته عنها قبل أن يسحب اعترافاته.
تعليقات الفيسبوك