"الرشوة" إحدى الوسائل غير المشروعة التى يلجأ إليها الكثير في تسيير الأمور والمصالح الشخصية، في الوقت الذى يقبلها البعض ويرفضها آخرون، وما بين هذا وذاك هناك أمور كثير ومصالح يتم قضاؤها بالرشوة، ومما لا يعلمه الكثيرون أن الرشوة لم تكن موجودة في مصر قبل الدولة العثمانية ولم تكن من صفات المصريين حيث لم يثبت أن تعاملوا بها قبل ذلك.
فبحسب ما ذكره المؤرخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتى في كتابه "عجائب الأثار في التراجم والأخبار" الصادر عن مطبعة دار الكتب المصرية عام 1997، أنه في عهد الجراكسة التى استمرت دولتهم في مصر 139 سنة، تدوالوا الحكم بينهم وبين أولادهم إلى الأشرف قنصوه الغوري التى انتهت دولة الجراكسة العثمانية على يده، فعندما تولى السلطان سليم شاه بن عثمان كان لابنه "سليمان" صديق يدعى شمسي باشا العجمي، وعندما تولى السلطان سليمان حكم مصر أيده صديقه على الحكم السائد في أيام والده.
وكان لشمسي باشا العجمى، مداخل غريبة وحيل عجيبة يلقيها في قالب مرضي يسحر بها العقول، فأراد أن يدخل شيئا منكرًا يكون سببا لخلخلة دولة آل عثمان، وهو قبول "الرشوة" من أصحاب الولاه والعمال، فلما تقرب من السلطان سليمان، قال له "عبدكم فلان الذي تم إزالته من منصب كذا ليس بيده منصب الآن وقصد من فيض إنعامكم عليه المنصب الفلانى ويدفع كذا وكذا".
ووفقا لما ذكره الجبرتي، لما لم يكن أسلوب "الرشوة" موجودا في مصر قبل ذلك، أدرك السلطان سليمان، أن ما أبداه شمسي مكيدة منه قصد بها إدخال السوء بيت آل عثمان، فتغير مزاجه قائلا: "يا رافضي تريد أن تدخل الرشوة بيت السلطنة حتى يكون ذلك سبب لإزالتها"، فأمر بقتله، فقال له شمسي: "يا باشا لا تتعجل هذه وصية والدك" حيث قال لي "السلطان سليم صغير السن وربما يكون عنده ميل للدنيا فأعرض عليه هذا الأمر فإن جنح إليه فامنعه باللطف فإن امتنع فقل له هذه وصية والدك قدم عليها"، ودعا له بالثبات ونجى نفسه من القتل، وبهذ يكون أول من ابتدع الرشوة في مصر.
تعليقات الفيسبوك