يعدون أنفسهم لغزو جيوب السائحين، يدرسون أماكن تجمعهم، ينصبون الشباك حولهم يبتكرون عبارات عصرية للاستعطاف، في خلاصة تخطيط محكم سهر عليه كبار المتسولين شهورًا طويلة، للانطلاق في أكثر الأشهر مكسبًا لهم في يونيو ويوليو وأغسطس.
وفي مشهد تكرر مرارًا ودائمًا ما يثير استياء الكثيرين، تطلق شبكات "المتسولين"، الأطفال الصغار على السائحين يطاردونهم ببراءة وإلحاح يطلبون المال مباشرة أو يعرضون سلعًا وخدمات لا قيمة لها تكون مجرد ستارًا، لينالوا أي شيء حتى ولو كان بقايا طعام.
وتعددت مشاهد التسول في شوارع القاهرة، ونقلت جريدة "الوفد"، في تحقيق لها في عام 1996، بعض هذه المشاهد والمطاردات بين المتسولين والسياح.
فشارع جامعة الدول العربية من أكثر الشوارع التي تأخذ شكلًا مميزًا جدًا فيما بين السابعة مساء ومنتصف الليل أو مابعد ذلك، وخلال هذه الساعات تنشط حركة التسول بشكل غير عادي.
وكان أول مشهد لمتسولة تحمل طفلها، الذي لا يتعدي عمره 3 سنوات، وبمجرد أن رأت أسرة عربية تشاهد "فاترينات" العرض بمحل لحقت بهم وأنزلت عليهم سيلًا من الجمل الاستعطافية من أجلها ومن أجل اليتامى التي تربيهم ومن أجل طفلها الذي لم يذق الطعام لمدة يومين.
وبعد دقائق فوجئت فتاة من الأسرة العربية بالطفل الصغير يجري ورائهما ويجذبها من طرف ثوبها وهي تسير حتى سقط الطفل على الأرض وبكى، فأخرجت الفتاة مبلغًا من حقيبتها وأعطته للطفل في يده.
وفي مشهد آخر، يقف، أمام محلات الطعام والعصائر التي تشتهر بها منطقة "الدول العربية"، عدد كبير من المتسولين أمام هذه المحلات التي يخرج منها الزبائن، ليأكلوا في الشارع أثناء سيرهم فإذا بطابور من المتسولين يلاحقهم ليحصل على ما بأيديهم من طعام وتحت ضغط الحرج يضطر هؤلاء لنزع مابأفواههم وإعطائه للمتسول وغالبا مايكون طفل أو طفلة صغيرة.
شكل آخر من أشكال المطاردة يتعرض له السائح عندما يضطر للوقوف بسيارته ثم يفاجأ بهجوم شرس من المتسولين على نوافذ سيارته ولا يتركونه إلا بعد أن يعطيهم ما يريدون، غير إدعاء القيام بتظيف السيارة والمنطقة مليئة بشباب المتسولين الذين يحملون بأيديهم فوطة صفراء متسخة غالبًا ينظفون بها زجاج السيارة الأمامي فجأة ودون أن يطلب صاحب السيارة ذلك ويرجوهم أن يكفوا عن عملهم، وأمام اصرار المتسول وحفاظًا على نظافة السيارة يضطر الرجل، لإخراج ماتيسر من جيبه ليحرر سيارته من الأسر.
وفي حي "الحسين" الأمر مختلف تمامًا في أشهر الأحياء السياحية في القاهرة، حيث تنتشر المقاهي التي يفضلها ويستمتع بها زائرو القاهرة من العرب والأجانب.
فمطاردة المتسول كانت على شكل إلقاء حبات الفول السوداني على المنضدة أمام الزبائن، فيصبح أمام الأمر الواقع ويضطر لإعطاء صاحبة الفول "الفول والنقود"، أو كما شاهدنا رجلًا عجوزًا يقتحم المكان ببخوره حتى يختنق الجالسون من الدخان فيعطونه أي نقود لينصرف.
وبعد وصف بعض مشاهد التسول، واستياء الكثيرين منها، فما هي النهاية لذلك ومن المسئول؟ رغم نص المادة السادسة من قانون التسول على "الحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثة شهور لكل من أغرى الاحداث الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا على التسول، ولكل من استخدم صغيرًا أو سلمه لآخر بغرض التسول، وإذا كان المتهم وليًا أو وصيًا على الصغير أو مكلفا بملاحظته تكون العقوبة الحبس من ثلاثة إلى 6 أشهر"، ووجود طفل متسول يعد اتهاما لوليه وغالبًا مايكون نتاج إهمال من الأبوين؟.
تعليقات الفيسبوك