"رغبة فينا كلنا إنك تشعر بأنك محبوب"، جملة نطق الدكتور أحمد خالد توفيق في آخر ظهور إعلامي له خلال برنامج "وصفولي الصبر" مع الكاتب عمر طاهر، والذي عُرض يوم الجمعة 30 مارس الماضي، عبر خلالها عن رغبة أي كاتب في الحصول على شهرة وجماهيرية، إلا أنه في الوقت نفس يؤكد أن الكاتب الناجح هو من يكتب لنفسه فقط في المقام الأول، فمن يقدم عمل من أجل الجمهور وما يريده يتحول ما يقدمه إلى شيء زائف ومفتعل، وتتحول العملية إلى "ما يطلبه المستمعون".
في اللقاء الإعلامي الأخير، وضح "توفيق" أنه لم يحصل على شهرة واسعة إلا بعد صدور كتابه العاشر، أي بعد 6 سنوات من العمل في ذلك المجال، ومن الممكن للشهرة أن تكون مصدر أذى كبير لأي كاتب لو استمر في الكتاب من أجل الجمهور فقط.
"كنت بكتب لجيل صغير وكبر معايا"، هكذا تحدث الروائي الراحل عن سبب قربه من جيل الشباب، وهو تواجده بأعماله معهم منذ طفولتهم، ويستأنف: "أخدت أقصى شهرة ممكن ينالها كاتب".
وعلى جانب آخر، يوضح خالد توفيق، أن تلك الشهرة تتحول لعبء وتقييد للحركة مع الوقت واستشهد بموقف له أثناء انتظاره أمام السفارة التونسية، فوجد عددًا من المعجبين يأتي لتحيته وإخباره أن صورته على مواقع التواصل الاجتماعي تُخبر بمكانه وجلوسه "على الرصيف".
في نفس السياق، يقول "توفيق" أنه على الرغم من ضرورة مخاطبة الكاتب لنفسه فقط أثناء تقديم عمل أدبي لكن ذلك لا يمنع من القلق الذي يعتريه إيذاء مصير الكتاب، وشعبيته ومدى تقبل الجمهور له.
خلال الحوار عبر "توفيق" عن خوفه من السعادة بنجاحه، فبعد كل إنجاز يفكر دائمًا في يوم سيفقد فيه كل نجاحاته، ولن يعد له تلك الجماهيرية، فهو مدرك جيدًا لطبيعة القارئ الذي يصنع من الكاتب، "صنم من عجوة" حسب تعبيره، وهو على استعداد لهدمه في أي لحظة، فهو يعلم جيدًا أن له "دراويش" يصنعوا حول أقل كلماته التي لا تستحق هالة كبيرة، لذلك فهو كاره بشدة للقب "العراب".
صرح الكاتب الراحل خلال هذه الحلقة أنه انتهج قاعدة "ما يطلبه المستمعون" مرة واحدة، عند انتقاله من كتابة القصة القصيرة التي تنتمي للواقعية الاشتراكية، حيث تأثر بشدة بـ"تشيخوف"، إلى قصص الرعب حيث وجد أن ذلك المجال هو ما يفتقده السوق المصري ويناسب غرامه وأهواءه.
وعن الكتب "الأكثر مبيعًا" أكد "توفيق" أن تلك القوائم ليست دلالة على الجودة بأي شكل وفي الوقت نفسه لا يعني ذلك أن كل كتاب ناجح ماديًا هو رديء، لكن إذا اعتبرنا المبيعات هي المقياس فشعبان عبدالرحيم سيزري بأم كلثوم وعبدالوهاب، ويصبح أفضل مطرب في مصر، حسب قوله.
وعدّد أحمد خالد توفيق أسباب شعوره بالسعادة فيما يتعلق بعمله ككاتب وما يجده من متعة في ذلك المجال، فيجد لذة في التعبير عن ذاته على الورق، خصوصًا إذا عدت بعد فترة للمكتوب وأخبرت نفسك "لقد كنت موفقًا".
"فيه شيطان جوايا بيحاول يطلع بأي طريقة ولقيت مجرى الكتابة"، هكذا ختم الطبيب الروائي الحلقة بتوضيح الأسباب التي يكتب من أجلها، فقد أحب الرسم في شبابه وبرع فيه، اهتم بالسينما بالشدة لدرجة إيمانه أن بداخله مخرج، كما أن به "غليان" أحدثه قراءاته الضخمة، وأصبح في حاجة لإخراج أفكاره ومشاعره، فكانت الكتابة هي الوسيلة المثالية للتعبير.
تعليقات الفيسبوك