كعادته جلس يروي لها كيف يمر الوقت عليه وهو وحيد، يرثي حبيبته التي لم ينس يومًا كيف كان اللقاء أول، كم مرة دعت له، وابتسامتها التي لم تفارقه، ورقم أول تليفون هاتفها عليه، "15 سنة على رحيلك يا سناء.. وما زلت أحكي لمن حولي عن عشقي لكِ، وعن عدم وفاؤك بالوعد، رحلت وتركتيني وحيداً وقد كنا اتفقنا على ألا نفترق.. أعيش على أمل اللقاء يا وحيدتي".
اليوم، الموعد الذي انتظره الكاتب الصحفي لويس جريس، طويلًا، لقاء محبوبته التي عاش على ذكراها، منتظرًا اللقاء، فلم تترك له زوجته الفنانة سناء جميل، إرثًا من ابداعها الفني فقط، لكنه كان يمتلك إرثا أكبر من الحب، عاش طويلًا يواسيه سنوات فراقها.
ولد لويس لوقا جريس فى 27 يوليو 1928 فى مركز أبو تيج في محافظة أسيوط، وحصل على بكالوريوس الصحافة والأدب من الجامعة الأمريكية 1955، ثم دبلوم دراسات عليا من جامعة ميتشجان 1958.
كان جريس، صحفي شاب، تجمعه صداقة بسناء، وظل سنوات طويلة يحبها في صمت ظنًا منه أنها مسلمة، "لو مكنتيش بس إنتي مسلمة وأنا مسيحي كنت طلبتك للجواز"، خرجت مشاعره ذلك اليوم رغمًا عنه، إلا أن ابتسامة سناء وهي تقول: أنا مسيحية يا لويس وموافقة، كانت النقطة الفارقة في حياة لويس.
ذهبا معًا للكنيسة لإقامة مراسم الزواج٬ إلا أن القس رفض لعدم وجود شهود، فعاد لويس لمقر مؤسسة "روز اليوسف"، وطلب من عمال المطبعة أن يصحبوه للكنيسة ليكونوا شهودا على الزواج٬ وبالفعل عاد بهم في عدة سيارات لإتمام مراسم زواجه بسناء، الذي استمر لـ40 عام.
كان شرط سناء الوحيد للموافقة على الزواج هو عدم الإنجاب، قال لويس، في إحدى الحوارات الصحفية: "أتذكر أنها قالت لي إذا كنت تريد أطفالاً فلا بد أن أترك عملي، وترك عملي بالفن سيجعلني حزينة لأنني لن أستطيع أن أترك طفلي وأذهب إلى عملي وهو في احتياج إلى وجودي ورعايتي له، ونفذت لها رغبتها وعشنا حياة زوجية في التزام تام".
لم يستمع لويس لنصائح الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين وآخرون زملاءه الصحفيين، الابتعاد عن سناء جميل التي يتصاعد نجمها، فقد تؤثر نجوميتها على مسيرته ومستقبله الصحفي حينها، وقد يصبح اسمه ملاحقًا لاسمها، فأصبح أبرز صحفي جيل الستينات بين الكتاب الصحفيين والنقاد العرب.
كان جريس، أحد أعمدة مجلة صباح الخير، التي تصدر عن مؤسسة روزاليوسف، كانت بدايته كمحرر عام 1961، ثم تدرج في المناصب القيادية إلى أن أصبح رئيسًا لتحريرها، وكان عضوا بالمجلس الاعلى للصحافة، وعضوًا بلجنة الصحافة بالمجلس الاعلى للصحافة، ولجنة الصحافة بالمجلس الاعلى للثقافة، وعضوًا بلجنة القراءة بالمسرح، وعضو لجنة الرقابة العليا على المصنفات الفنية.
ألف عدد من القصص القصيرة من بينها: "حب ومال، وهذا يحدث للناس، وترجم مسرحية الثمن لأرثر ميللر"، وأجرى عدد من الحوارات الصحفية مع شخصيات عالمية مهمة ومنها "كاسترو وجيفارا ومكاريوس".
خصص لويس، مساحة لـ"سناء" كبيرة على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، فخلد ذكراها بين متابعيه، ووفاءه لحبها، فكتب لها الكثير من كلمات الحب والرثاء، بجانب مجموعة من صورهما معًا، وأخرى لها هي فقط، ترافقها كلمات رومانسية، كما كان يحتفل بعيد ميلادها كل عام، و2017 كانت هناك احتفالية حاشدة احتضنها المسرح القومي بحضور رموز الإعلام والصحافة والفن للاحتفال، كما كتب كلمات نشرت في مقطع بصوته، أذاعه برنامج "8 الصبح" على قناة "أون تي في".
فلم تنطفئ لهفته بها منذ أن كانت تسافر للعمل إلى خارج مصر، وينتظر عودتها، غير أنها ذهبت العام 2003 ولم تعد.
تعليقات الفيسبوك