مساجد غرب إفريقيا.. "أبراج حمام" من الطوب اللبن
القبة، المأذنة، الساحة الواسعة، الصحن، المنبر، المحراب، البينة النموذجية لأي مسجد في العالم، التي بدأت منذ عصور مبكرة، وتتضح بها ذاتية المسجد، أتى بها العرب المسلمين إلى البلاد التي دخلها الإسلام، ولكن في بعض المناطق التي كان فيها انتشار الإسلام أكثر تدرجا، عن طريق التجار والانتقال من المدن الإسلامية إليها، بقت الهندسة المعمارية للمساجد يحددها المهارات المحلية وتوافر المواد.
"مساجد الطين والطوب اللبن"، في غرب إفريقيا، تمتد من السنغال إلى السودان، فضلا عن غانا وساحل العاج، تشترك خصائص بناءها في "الطوب الطيني"، معززة بسجلات خشبية كبيرة وعوارض الدعم التي تخرج من الجدارن، لتأخذ شكل أبراج الحمام.
وعادة ما تحتوي هذه المساجد على برج وسقف مسطح وفناء، يتم تغطية الأرض بالرمال وتوضع عليها حصير الصلاة، تعتمد على الضوء الطبيعي الذي يتدفق من خلال الثقوب في السقف والجدران توفير الإضاءة فقط.
من أشهر هذه المساجد، "جنة"، أكبر مسجد مبني من الطوب اللبن في العالم، ورمز جمهورية مالي بغرب أفريقيا، بني قبل نحو 1000 عام، وهو مدرج على لائحة التراث الثقافي العالمي لليونسكو عام 1988، ويعود تاريخ بناء المسجد إلى القرن الـ13 مع وصول الإسلام للمنطقة، الواقعة على الطريق التجاري المؤدي إلى مدينة "تمبكتو" المالية، والطريق القديم لقوافل الحجيج.
أعيد بناء المسجد عام 1907، بعد الاحتلال الفرنسي لمالي في القرن الثامن عشر، ويتكون المسجد من 99 عمودًا نسبة إلى أسماء الله الحسنى، ويوجد فيها 114 فتحة نسبة إلى عدد سور القرآن الكريم، حيث تطلق على هذه الفتحات اسم "لاديس"، وتستخدم لتهوية المسجد خلال أغلب أشهر السنة التي تشهد جفافًا، وله 3 منارات تطلق عليها باللغة المحلية "سانتافان"، وترمز المنارة الكبيرة إلى الملك "إبراهيم"، أما المنارتان الأخيرتان فترمزان إلى زوجتيه، "الفاريماتا"، و"أم حلمص".
في غانا، بني مسجد "لارابانجا"، حمل اسم قريته، على الطراز المعماري السوداني، ويعتبر أقدم مسجد في البلاد وواحد من أقدم المساجد في غرب أفريقيا، مر به تراميم لعدة مرات منذ تأسيسه في عام 1421م، كان يشار إليه باسم "مكة غرب أفريقيا".
الذي بني من الطين، له اثنين من الأبراج الشاهقة في شكل هرمي، واحدة للمحراب الذي يواجه نحو مكة المكرمة تشكل واجهة على الشرق، والآخر كمئذنة في الركن الشمالي الشرقي، ودعمت هذه من قبل اثني عشر هيكل على أشكال منتفخة، والتي تم تركيبها مع عناصر من الأخشاب.
أما في ساحل العاج، يصل أبناء مدينة كونج داخل أكبر مسجد بني على الطراز السوداني، ويوجد ضمن مجموعة من خمسة مساجد في ساحل العاج أضيفت إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في 29 نوفمبر2006، له جدران عازلة عن الحرارة باستخدام الطين اللبن، أرضيته مغطاه بالرمال الناعم، والحصير.
يعد مسجد "سانكوري، أو سانكور"واحد من أهم ثلاثة مراكز تعليمية في مدينة تمبكتو، مالي، غرب أفريقيا. يعود الهيكل الأصلي إلى 989م، من قبل القاضي الكبير في تمبكتو "العقيب بن محمود بن عمر"، وكانت القاعة الداخلية للمسجد في حجم الكعبة المشّرفة في مكة المكرمة، ويأخذ الشكل الهرمي وله قبة صغيرة.
تعليقات الفيسبوك