"ربما كانت المرة الأولى التي أسمع فيها العصافير تبكي".. بهذه الجملة بدأ الكاتب محمد صديق المزاتي، كتابه "غرائب القاهرة وعجائبها"، بالحديث عن العصافير الباكية في الكنيسة المعلقة، التي رآها عندما اصطحب المصور في أحد الأيام ليقتفي الأثر الجميل، الذي يبدو وكأنه قصر معلق في السماء.
كانت الترنيمة الغريبة التي رددتها العصافير، عبارة عن نشيد قبطي، معناه بالعربية "بارك إكليل السنة بصلاحك يا رب.. الأنهار والعيون والزرع والثمار"، وعندما تفرغ العصافير من النشيد بتذكرهم "ذكرى شهداء النيروز" الأليمة، التي تجعل حناجرهم الصغيرة تنطلق باللغة العربية وكأنها نغمات من مزامير داوود.
استرعى اتباه الكاتب بكاء العصافير وابتهالاتها، والغريب في الأمر أنه رأى من يدربها على البكاء لكي تبكي بصوت حسن وعذب، فأنشدت وهي تبكي، قائلة: "أزموا أبكلوم انتيتي روم بي.. تين تيك ميت أخريستوس.. أبشوش نياور أو نيم لي مومي.. نتيم ني سيتي ينم ني كاربوس".
وهذه العصافير كانت عبارة عن مجموعة من الأطفال لم يتجاوزوا السابعة من أعمارهم، وتواروا خلف الأجنحة ليرددوا ترانيم، ربما لا يفهمونها جيدا، لكنهم يفهموا جيدا أنها ستصعد إلى السماء، وستصير جزءا من حياتهم عندما يكبروا ويموتوا ويلقوا الرب في السماوات.
وترجع الكنيسة المعلقة إلى القرن الرابع الميلادي، بنيت على 3 أعمدة من الحصن الروماني، وما زالت موجودة حتى الآن، ومغطاة بالجريد والأخشاب، وتمتاز بتتعد القبب، ويطلق عليها كنيسة العذراء، وهي إحدى الآثار المصرية القديمة.
تعليقات الفيسبوك