ربما لو لم يجذبه كرسي السلطة، وانغمس في السلك السياسي بين القرارات المصيرية للشعوب، أو إصلاحات اقتصادية، والجنون والديكتاتورية، لأصبح كاتب معروف بين مثقفين بلاده، ففي سجلات التاريخ الحديث، هناك رؤساء لكثير من الدول بدرجة أدباء بعضهم كتب سيرته الذاتية، أو لخص تجربته السياسية في كتاب، وأخرين بعدوا بموهبتهم عن السياسة فكانت لهم كتب أدبية ووتجارب شعرية.
فالولايات المتحدة أكبر قوى عظمى في العالم، هي أيضا صاحبة أكبر عدد من الرؤساء الذين يميلون للكتابة، فبعد أن ترك الرئيس الأمريكي "ثيودور روزفلت" السلطة، خطط لرحلة إلى الأرجنتين والبرازيل، فاقترحت حكومة البرازيل أن ينضم روزفلت إلى المستكشف البرازيلي المشهور كانديدو روندون في بعثة إلى نهر الشك الذي كان قد اكتشف مؤخرا، ورافقه ابنه كيرميت ووصلا إلى النهر مع روندون في 1914، وكانت رواية روزفلت "من خلال البرية البرازيلية"، هي ملخص الرحلة حيث احتوت على خريطة لأجزاء من النهر واكتشاف أنواع عديدة من الحيوانات والنباتات التي لم تعرف من قبل، ويعرف نهر الشك الآن باسم ريو روزفلت.
حاول جورج بوش، تحسين صورته بعد خروجه من البيت الأبيض، فكتب "نقاط القرار" كشف خلاله عن الأعمال الداخلية لفترة رئاسته خلال هجمات 11 سبتمبر، وحرب العراق وأفغانستان وإعصار كاترينا وغيرها من الأمور التي حدثت في عهده.
حققت السيرة الذاتية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، "حياتي" أعلى المبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية بمجرد صدورها، وتناول فيها كلينتون الصعوبات التي واجهته خلال فترة تواجده في البيت الأبيض.
كما أصدر كلينتون كتاب أخر بعنوان "Giving"، عن نشاطاته الانسانية، وكيفية تغيير العالم والواقع الذي نعيشه من خلال مساعدة الآخرين، وأهدى الكتاب إلى عدد من المؤسسات الخيرية وغير الربحية التي تأخذ على عاتقها مهمة تغيير العالم نحو حياة أفضل.
ولـ"جيمي كارتر"، ثلاثة كتب، كان أكثرا انتشارا "ساعة قبل ضوء النهار"، تحدث فيه عن طفولته وكشف عن سنواته الأولى في السهول خلال فترة الكساد في جورجيا، ثم في 2014 انتقد كارتر العنف المستخدم ضد المرأة دون أسباب منطقية، في كتابه "دعوة للعمل: المرأة، الدين، العنف، القوة"، وفي كتابه الثالث استعرض نقاط ضعفه كرئيس للولايات المتحدة، وكيف تحول المجتمع الأمريكي وصار ينظر بتعال إلى كبار السن بدلاً من الاستماع إلى حكمتهم التي يكتسبونها بفضل الخبرات الناتجة عن التقدم في العمر.
"أحلام من أبي"، تحت هذا العنوان، دون الرئيس الأمريكي باراك أوباما مذكراته، ونشرت لأول مره عام 1995 بعد أن تم انتخابه كأول رئيس من أصل أفريقي لمجلة هارفرد للقانون، وترجمت الكتاب إلى العربية مؤسسة "كلمات عربية للترجمة والنشر"، ويشتمل الكتاب على ثلاثة أبواب، "جذور" ويضم 6 فصول، والباب الثاني بعنوان "شيكاغو" ويحتوي على 7 فصول، والباب الثالث بعنوان "كينيا" ويضم 6 فصول.
وأثناء عضويته في مجلس الشيوخ الأمريكي، كتب أوباما "جرأة الأمل" ليكون ثاني مؤلفاته، كتاب يؤلفه، الذي أصبح الكتاب رقم واحد في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً لكل من جريدة "نيويورك تايمز" وموقع أمازون، كما أن أوبرا وينفري روجت للكتاب ودعمت باراك أوباما حتى قبل إعلانه ترشحه للرئاسة، أعلن باراك أوباما ترشحة للرئاسة في 10 فبراير 2007 بعد أقل من ثلاثة أشهر من صدور الكتاب.
يعرض الكتاب أفكار أوباما حول الكثير من القضايا التي أصبحت لاحقاً محور حملته الانتخابية في 2008، دفع الناشر لباراك أوباما 1.9 مليون دولار.
وبعيدُا عن السير الذاتية، خرج مجموعة من الرؤساء بالأدب بعيدًا عن السياسة، فكان كتاب "الروناما"، لرئيس تركمانستان السابق "سابارمورات نيازوف"، الذي نشره في 2001، هو كتاب روحي كما وصفه، أدخله نيازوف ضمن المنهاج المدرسي، وكان التلاميذ مجبَرين على قراءته وحفظ مقاطع منه، لرفع مستوى الحياة الروحيّة للشعب التركماني.
و"الإسلام بين الشرق والغرب" أشهر كتاب ألفه لـ"علي عزت بيجوفيتش"أول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك بعد انتهاء حرب البوسنة، يعد الكتاب تجميعًا من الكاتب لأفكاره ورؤيته الخاصة للدين والفلسفة والسياسة والفن، وترجم الكتاب للعربية الدكتور محمد يوسف عدس ونشر لأول مرة عام 1994 بمقدمة كتبها الدكتور عبد الوهاب المسيري.
دليل الدكتاتور للسينما، هي كتب رئيس كوريا الشمالية كيم جونج الثاني، بعيدا عن الدكتاتورية التي تصل حد الجنون، هناك جانب حسي ورقيق له، فكان من عشاق السينما والفن، ويرى في نفسه ناقداً سينمائياً، ونشر كتاب بعنوان "عن فن السينما" عام 1974، ثم اصدر كتابه الثاني "السينما والإخراج" عام 1987، وكتاب "عن فن الأوبرا" عام 1990، على الرغم أن آراءه لم تكن فارقة أو مميزة، فلم تتجاوز المعرفة العامة والآراء المتداولة بين الجميع.
وعن الرومانسة، دون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علاقته العاطفية مع زوجته بريجيت ماكرون، في رواية إباحية كتبها في صباه كان لا يزال مراهقا حينها، وكانت هي امرأة متزوجة تدرسه مادة الدراما.
أما صدام حسين، الرئيس العراقي السابق، الذي اعدم وعرفه بإدانته بجرائم ضد الإنسانية، أخفى أنه رجلا رومانسيا، وراء قناع الرجل القوي الذي حكم العراق بقبضة حديدية، فكانت رواية رومانسية، كشفت الستار عن هذا الجزء، "زبيبة والملك" قصة بطلها ملك يقع في غرام الشابة زبيبة، إلا أنها متزوجة من رجل ظالم.
وكان للرئيس جمال عبد الناصر تجربة في كتابة الروايات، حيث كتب 10 فصول من رواية حملت عنوان "في سبيل الحرية"، وتتناول أحداثها المعركة الخالدة التي خاضها أهل رشيد بمصر عام 1807، عندما تصدوا للحملة الإنجليزية بقيادة فريزر.
لم يستكملها عبدالناصر، فأجرت وزارة الثقافة عام 1958 مسابقة لاستكمالها، وفاز بالمركز الأول الكاتبان عبدالرحمن فهمي وعبدالرحيم عجاج.
"نبيذ الحبط،"، ديوان للشعر الصوفي هو أشهر ما تم ترجمته من أعمال آية الله الخميني، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السابق، من بين مؤلفاته في الفقه والحديث وتفسير القرآن والأدب والشعر، والتي لم تنل اهتمام كافي وترجمة للغة العربية، ولم ينتشر منها سوى هذا الديوان، والذي يعتبر حالة من التأمل والتقرب من الله، وجاءت الأبيات:
تعليقات الفيسبوك