بيتر هوركوس
قراءة الأفكار، أو القدرة على سبر أغوار العقل هي موهبة خارقة تناولها الأدب والسينما والتليفزيون في أكثر من عمل مختلف، لكن هل هناك بالفعل مثل هذه القدرات على أرض الواقع؟ هذا ما أكدته قصة الهولندي غريب الأطوار بيتر هوركوس، والذي كان يملك قدرة عجيبة جدا، فهو بمجرد لمس أي شيء يستطيع معرفة كل الأحداث التي وقعت في نطاق ذلك الشيء.
ولد بيتر في مدينة صغيرة بهولندا في 21 من مايو عام 1911، وشهدت ولادته حادثة نادرا ما تتكرر، حيث ولد و"الغشاء الجنيني" ملتف حول رأسه، ما أدى لإصابته بالعمى لمدة 6 أشهر بعد الولادة، إلى أن تمكن الأطباء من إزالة الغشاء الملتصق بعينيه، إلا إنه ظل طوال حياته يعاني من ضعف شديد في البصر، وفق ما ذكر الكاتب راجي عنايت في كتابة "رجل يعرف كل الأسرار".
وفي حادثة نادرة أخرى حقق هوركوس أسطورة هولندية واعتقاد شائع بأن من يولد والغشاء الجنين ملتصق برأسه يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل ويتمتع بقوى خارقة لا يمكن تفسيرها، فبعد تعرضه للسقوط من الطابق الرابع في أثناء معاونة لوالده في طلاء منزله، اكتشف أنه يقدر على معرفة ما يتعلق بكل ما يلمسه من جماد او حيوان أو إنسان حتى، وهو ما أثار رعبه الشديد في أول الأمر، قبل أن يتعود على قدراته الجديدة.
تمكن بيتر من حل العديد من الألغاز بواسطة قدراته الخارقة، منها كشف السر وراء سلسلة من الحرائق المتتالية التي حدثت في مزرعة صغيرة، حيث طلب منه رجال الشرطة المساعدة، وهو ما تم بالفعل بعد أن أمدوه بقفل محروق من أقفال المزرعة، وعدة صور فوتوغرافية لكل من يسكن قريبا من منطقة المزرعة، وبعدها أخبرهم بالفاعل الحقيقي، وفي إحدى المرات طلبت منه سيدة أن يساعدها في العثور على مخطوط ضائع، فأخبرها أن تبحث عنه خلف الأدراج بمكتب زوجها، واصفا لها مكانه بالتحديد، وكيف أنه حشر بين درجين وسقط خلف الأدراج، وهو ما أذهل المرأة التي وجدت المخطوط في المكان نفسه الذي أخبرها به هوركوس.
ذاع صيت بيتر هوركوس كثيرا، حتى أن شرطة سكوتلانديارد والعديد من الهيئات البوليسة الأوربية استعانوا به في كشف عن عدة قضايا، وتعد أشهر القضايا التي كشف غموضها بيتر هي قضية اختفاء حجر كريم عرف باسم "سكون"، وساعد فيها هوركوس شرطة سكوتلانديارد، حيث سافر خصيصا إلى إنجلترا وذهب إلى كنيسة "ويستمنستر" حيث سرق الحجر الكريم من كرسي التتويج بها وبدأ يتحسسه، وهنا أخذت الصور تلمع في عقلة بغتة، وبعد حوالي نصف الساعة كشف غموض العديد من الأشياء حول السرقة، ثم استغرق بضعة أيام ليقود الشرطة لمكان الحجر الكريم.
كان هذا فيما يخص معرفة ما حدث بالفعل، أما معرفة ما سيحدث، أو التنبؤ بالمستقبل، فقد تمكن منها بيتر أيضا، فعندما كان في ولاية فيرجينيا الأمريكية في 11 من يونيو عام 1960، وبالتحديد في منزل أحد الأصدقاء، شعر بانجذاب نحو ابنته الصغيرة ماري التي لم تتجاوز سنتين ونصف، وكانت لا تستطيع السير، وأخبر الاطباء أوبيها أنها مصابة بشلل مخي يعوق قدرتها على الحركة، وعندما وضع بيتر يده فوق ظهر ماري قال لأسرتها التالي "هذه الطفلة ستتمكن من الير على قدميها لأول مرة في عيد ميلادها يوم 21 ديسمبر، وبعد هذا بأربعة أيام في احتفالات الكريسماس ستتمكن من السير حتى شجرة عيد الميلاد، وتتناول هداياها بيدها ثم تواصل السير بعد ذلك"، وبالفعل خطت الطفلة أولى خطواتها في الموعد نفسه الذي ذكره هوركوس في عيد ميلادها، ثم تكرر الأمر في الموعد الآخر عندما حل الكريسماس.
في الأول من يونيو عام 1988، فارق بيتر هوركوس الحياة بعد العديد من المواقف التي اظهرت قدرته الخارقة وحيرت العديد من علماء عصره وعصرنا الذين لا زالوا يبحثون عن تفسير علمي لها، تطبيقا لما قالته الصحفية نورما لي بروننيج في كتابها "قد يكون بيتر هوركوس من الحالات النادرة بين البشر، لكن موهبته الخاصة أصيلة وثابتة، وهي تستحق أن نبحث عن تفسير علمي لها".
تعليقات الفيسبوك