عبد الحليم حافظ أحد المطربين الذين غنوا العديد من الأغاني الوطنية الحماسية في أشد الأوقات وأصعبها، فكان هو أحد أسلحة الدولة الناعمة التي تحارب بالفن جنباً إلى جنب مع السلاح، فقد غنى في حفلات كثيرة داخل مصر وخارجها لصالح المجهود الحربى، وكان محبوباً ومقرباً من الزعماء وصديقاً لكبار القادة.
كان عبد الحليم حافظ طول فترة الزعيم جمال عبد الناصر السياسية هو المعبر فنياً عن توجهات الدولة واستراتيجياتها، وكان لعبد الناصر دور كبير فى حياة حليم الفنية، فقد كان يقترح عليه أفكار الأغانى ليذهب عبد الحليم إلى الملحنين فينفذوها، ثم يغنيها هو بكل مشاعره وقدراته، حسبما ذكرت صحيفة القاهرة فى عددها الصادر عام 2006.
كان العندليب قريباً من رجال السلطة ولكن اقترابه منهم لم يكن بسبب حمايتهم له بل كان يتعرف من خلالهم على ما يجب أن يقدمه فى المرحلة المقبلة من أغان وطنية، فكان من أقرب أصدقائه المشير عبد الحكيم عامر وشمس بدران الذى كان يتبادل معهم الزيارات بشكل منتظم ولم يمنعه هذا من أن يكون على خلاف مع بعضهم البعض، لذا كان عبد الحليم حافظ كالوافق على شاطئ بحر السياسة ولم يغرق نفسه فيها فأغانيه الوطنية كانت تعبيراً عاطفياً عن وطنيته وحبه لبلده وللوطن العربي وكانت مشروعاً ناجحا صنع به مجده.
ورغم عمق العلاقة النفسية والصوتية والمزاجية بين عبد الناصر وأم كلثوم إلا أن قلبه وعقله كانا يميلان أكثر لعبد الحليم حافظ لأن حليم استطاع أن يطوع نفسه وعقله وفنه وصوته ويضعهم تحت أمر عبد الناصر وثورته، وعندما حدثت الأزمة بين عبد الحليم وأم كلثوم رفض عبد الناصر التدخل فى الخلاف بينهما وفضل أن يكون محايداً حتى تمر الأزمة بسلام.
كما كان عبد الحكيم عامر أيضاً دور مهم فى حياة حليم، حيث لم يكن مجرد صديقه فقط بل كان مرافقاً له فى منزله قبل أثناء مرضه وقبيل رحلة علاجه إلى لندن حيث كان المشير عبد الحكيم عامر يجلس على طرف سريره ويحاول أن يطمئنه ويهدئه قائلاً: "ما تخافش يا عبد الحليم بإذن الله تسافر وترجع سالم معافى"، وعندما توفي المشير عبد الحكيم عامر جلس حليم فى غرفته وحيداً وهو يبكى بكاء متواصلاً، وأصدقاؤه ينتظرونه فى الصالون دون أن يخرج إليهم من شدة حزنه على عبد الحكيم عامر.
عقب تولى السادات الحكم انتشرت شائعات خبيثة كان الهدف منها الوقيعة بين السادات وعبد الحليم حافظ حيث تطوع بعض الخبثاء لإشاعة أن عبد الحليم حافظ لا يحب السادات ولذلك لن يغنى له مدى الحياة، ولم تخمد هذه الشائعة إلا عندما حدث نصر اكتوبر، حيث فوجئ الجميع بأن عبد الحليم يغنى للسادات أغنية "عاش اللي قال الكلمة بحكمة في الوقت المناسب"، إلا أن الخبثاء لم يتوقفوا عند هذا الحد إلى أن فشلت محاولات الوقيعة بين عبد الحليم حافظ والسادات، حتى أصبح حليم صديقاً للسادات ولأسرته.
تعليقات الفيسبوك