يجلس أمام صالونه الصغير الذى انعكس عليه شيب صاحبه، مستأنساً بسماع محطة القرآن الكريم على الراديو، منتظراً منذ الصباح حتى مساء اليوم مجىء الزبائن التى لا تأتى «ممكن أقعد من الصبح لحد بالليل محدش ييجى يحلق»، لكن انتظار الزبائن من وجهة نظره «أحسن من القعدة على القهوة ودفع 20 جنيه على المشاريب.. بيتى أولى بيهم»، إذ يعيش أبوالعلا دياب مع زوجته منفرداً، بعد زواج بناته الأربع.
تعلم «أبوالعلا» مهنة الحلاقة على يد أسطى يصفه دوماً بأنه «من بتوع زمان»، كان يعمل معه قبل 50 عاماً هى عمره فى المهنة، وبوفاة الأسطى أكمل «أبوالعلا» الطريق بالأدوات والمهارة نفسها، دون تطوير أو تغيير، فظلت الشفرة والمقص وأنبوبة معجون الحلاقة وزجاجة الكولونيا والمرآة الضبابية تعانى من شرخ يقسمها نصفين هى كل أدواته فى المهنة التى عرفت المكن والقصات والصبغات.
الحلاق الثمانينى الذى ينتقل من منزله بدار السلام إلى «المدبح القديم» فى منطقة السيدة زينب يومياً، حيث صالونه العتيق، لم يلتفت لمطالبات ونصائح جيرانه بضرورة تطوير الصالون واستقدام صنايعية، باعتبارها «مهنة مربحة»، له فى هذا مبرر «المحل داخل فى خط التنظيم وخسارة فيه التجديد، وزباينى كبار فى السن زيى وناس غلابة اللى فى مقدرتهم دفع 5 جنيه فى الحلاقة»، وحتى لو تعدد الزبائن، فلن يفى تجاههم بالغرض «مبعرفش أحلق غير للى فى سنى، ماليش فى قصات الشباب والمكواة والسيشوار، وأساساً العدة دى مش عندى»، يقولها ضاحكاً وهو يتذكر معضلة تكررت معه أحياناً كثيرة «يجيلى الراجل ومعاه حفيده أو ابنه وعايزين هما الاتنين يحلقوا، فقوله هاحلق لك إنت وودى ابنك عند حد غيرى، أنا كبرت وماليش خلق لحلاقة الشباب»، يرجع «أبوالعلا» ندرة زبائنه أيضاً إلى نقل المدبح القديم من السيدة زينب إلى البساتين، ومن ثم انهيار شعبيته «اللى عارفنى مشيوا، ومش باقيلى غير اللى ييجى يحلق صدفة، أو لو حد جاى لى مخصوص، ودول بقى عارفين نظامى، أحلق شوية وأستريح شوية، ونقعد نحكى، والكلام يجيب بعضه».
تعليقات الفيسبوك