«هدايا عينية، فلوس، وأراضٍ».. «رشاوى» حصل عليها بعض المسؤولين في الدولة، مقابل استغلال سلطة بغير حق، وإصدار قرارات لصالح من لا يستحق، لكن الرشوة أخذت شكلا جديدا، بعد تحولها لـ«رشاوى دينية»، تمثلت في «رحلات حج وعمرة».
لم ينج الراشي والمرتشي من «الرقابة الإدارية»، التي لاحقت المسؤولين عن الفساد في الدولة وبترت أذرعهم، وآخر هؤلاء المسؤولين «سعاد الخولي»، نائبة محافظ الإسكندرية.
أمس، أكدت مصادر مطلعة لـ«الوطن»، أن المخالفات التي أثبتتها الرقابة الإدارية بالنسبة للمتهمة ورجال الأعمال المتورطين معها، تشمل أن «سعاد الخولي» حصلت على رحلة حج كاملة بنظام الحج الفاخر (vip)، تجاوزت قيمتها 200 ألف جنيه، على نفقة أحد رجال الأعمال المتهمين في القضية، والمحبوس حاليا على ذمة التحقيقات، للتغاضي عن إثبات مخالفات منسوبة لشركته من قبَل المحافظة.
وأضافت المصادر، أن سعاد الخولي استغلت سلطات وظيفتها ونفوذها في الضغط على بعض المسؤولين بالإسكندرية من العاملين تحت رئاستها، لتزوير واصطناع تقارير مغايرة للحقيقة، لإعفاء بعض رجال الأعمال المتهمين في القضية، من توقيع غرامات مالية كبيرة عليهم بالمخالفة للقانون.
يقول الدكتور طه أبوحسين أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية، إن المرتشي يعتقد أنه لا علاقه للرشوة بالحرام، حيث يرى أنها هدية تُمنح له مقابل تسهيلات وتعطيل تنفيذ قرارات: «الراشي لا يرى الرشوة من منظور الحلال والحرام، لكنه يعتبرها مساعدة، فيجد نفسه موضع قدره، وبالتالي يصدر أو يعطل قرارات».
«المرتشي يبرر حصوله على رشوة الحج والعمرة، باعتبار أنها ستنفق في سبيل الله، لكن (الحرام بيّن ولا يبرر مطلقا)، فالحج ليس فرض على الجميع، وإنما لمن استطاع إليه سبيلا». قال أبوحسين لـ«الوطن»، مضيفا: «من اعتاد الرشوة باستمرار لم يعد يشعر بضميره، كرصاصة أصابت اليد ولم يعد المريض يشعر بألمها».
الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، لم يختلف رأيه عن رأي أبوحسين، حيث قال إن «تفشي الفساد وتغلغله داخل أركان الدولة، عائد لثقافة الشعب، فما يجعلنا نختلف عن الغرب، أن لديهم ثقافة واضحة، فمن يرتشي يعلم أنه يرتشي، أما (الشعب المتدين بطبعه)، فيرى أن الرشوة عطية وهبة تمنح له مقابل تسيير أعمال الناس».
وزاد أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، قائلا إن «انعدام المفاهيم أدى إلى خلل في ثقافة الشعب، فمفهوم الرشوة اختلف، وأصبحت الرشوة تصنف على أنها هدية، وليست حراما أن تنفق على حج وعمرة».
يري فرويز، أن «ازدواجية المعايير جعلت المسؤولين يقيسون الأمور بمكيالين، ويبررون أعمالهم غير المشروعة، فالمسؤول يصوم وصلي، لكنه يقبل مال الغير دون حق، ودون مراعاة للشرع الذي حرم الرشوة».
تعليقات الفيسبوك