يفارق في كل عائلة أشخاص، تاركون فارغاً كبيرا، كانوا هم العمود الفقري يلمون شمل الجميع سواء في الأعياد أو الأحزان، ربما يكون "جد أو جدة أو أم أو أب أو خال أو خالة وغيرهم"، ومع مجيئ أي مناسبة يشعرون بافتقادهم وخاصة بعد انقطاع صلة الرحم التي كانت تحدث ولم يعد أحد يسير على خطاهم، ورغم أن الدموع جفت إلا أن لازالوا يتذكرونهم وتحول الأمر إلى مجرد ابتسامة وحزن بالداخل ، لا يمكن أن يلئمه أحد.
لم تنس سمر أحمد الفتاة العشرينة، من زمن ماضي عندما كانت تذهب مع والديها وأشقائها إلى منزل جدها والد أمها، ليلة العيد: "كنا نروح نبات عند جدو وكل ولاد خالتو وخالو برضه، كنا نروح نلاقيه جايب لينا لعب وبلالين وكان بيبقى عيد بمعنى الكلمة"، ثم يذهبون جميعا لصلاة العيد بعد الاستماع إلى التكبيرات ويعودون سويا إلى المنزل لتناول الفطار من فتة ولحمة وكبدة وغيرها، وأثناء الليل يتجمعون في النادي.
ولكن تحول الأمر بمجرد وفاته وافتقد كل فرد في العائلة الكبيرة الشخص الذي كان يجمعهم طول أيام العيد: "مات وانا في 3 جامعة مبقناش نخرج عند حد اول يوم وبقينا عندي في البيت نصلي العيد ونطلع عادي"، وفقا لسمر التي لازالت تتذكره وخاصة في المناسبات وتشتاق لهذه الأجواء التي أصبحت غير موجودة وكل ما تفعله هو الدعاء له.
وعلى جانب آخر كانت تجمع جدة مروة محمد، العائلة كلها، ولهم طقوس خاصة في كل عيد، فأول يوم يصلون صلاة العيد ثم يذهبون للفطار، واليوم الثاني حرصت على اصطحابهم إلى المقابر لزيارة زوجها لحبها الشديد له ويعودون للفطار ثم يتخذون قسطا من الراحة: "وبالليل بقى كل عماتي واعمامي قاعدين عندها وهاتك يا ضحك وهزار لحد الصبح ونفضل نسهر تاني يوم" وفقا لها.
رغم مرور أعوام كثيرة على وفاة جدتها إلا أنها لم تنسى مروة الذكريات والزيارات التي انقطعت بمجرد مفارقتها الحياة: "اللي كانت بتجمعنا ماتت، فرحة العيد معاها كانت حاجة تانية".
"مفيش زي أيام زمان في العيد".. وصف محمد أحمد الشاب الثلاثيني الذي يفتقد هذه الأيام ويتذكر كل عيد مر عليه مع خالة والده التي كانت تحرص دائما على جمع جميع العائلة سواء المقربيين جدا أو ذو صلة قاربة بعيدة "كان هو اليوم الوحيد اللي بنشوف بعض فيه كلنا كان لازم أول يوم عيد الأضحى أو الفطر ورمضان تجمعنا كلنا"، وبمجرد وفاتها منذ نحو 5 أعوام، انقطعت صلة الرحم وبهجة العيد.
وفاة والد محمد مجدي قريبا في شهر رمضان الذي كان يحرص على جمع العائلة في منزله بعد صلاة العيد، أثر فيه كثيرا: "مش عارف كان إزاي بيقدر طول السنين دي يجمعنا واحنا من بعده مش عارفين نعمل ده"، يشعر الشاب العشريني أنه لم يفتقد والده فقط بل وأفراد عائلته بعد عدم تجمعهم مرة أخرى "بقت مجرد ذكريات".
تعليقات الفيسبوك