فى كل بيت شُيد على أرضها خرج منه شعله نور لم تكتف بإنارة المنزل فقط أو ماحوله، بل خرجت منه لتنير مصر كلها والعالم أجمع، أنه حي الجمالية مهد العظماء الذين أثروا التاريخ بوجه عام والحياة الثقافية والأدبية بوجه خاص، فلم يخلوا بيت أو حارة صغيرة تابعة للحي إلا وخرج منها شخصية قوية في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والإقتصادية وغيرها، ومن بين هؤلاء:
- نجيب محفوظ
الأديب العالمي وأشهر أدباء العرب في القرن العشرين، ولد بحي الجمالية في 11 ديسمبر 1911، وأمضى طفولته فيها ثم انتقل إلى والحسين والغورية، التي كانت سببًا في إثارة اهتمامه، وولدت ونمت لديه أسلوبه الفريد في الكتابة والتعبير، فنجح في كتابة الروايات العربية وأصبح أفضل كتَّاب العرب في جميع أنحاء العالم، وترجمت معظم مؤلفاته إلى عدة لغات مختلفة وسجلت أعماله في مكتبة الكونجرس الأمريكي باعتباره أحد الكتاب البارزين في العالم، صدر له ما يقارب الخمسين مؤلفًا من الروايات والمجموعات القصصية، ترجمت معظمها إلى 33 لغة في العالم، وكرمته مصر والدول العربية، وحصل على جائزة نوبل فى الأدب.
- طة حسين "عميد الأدب العرب وعملاق الأدب المصري الذي نشأ بالقرب من درب قمبيز الذى سكن فيه نجيب محفوظ، ولد فى الـ15 نوفمبر 1889، فى قرية التابغة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا، أصيب بالرمد وفقد بصره وهو في الرابعة من عمره نتيجة حلاق وصف له وصفة طبية خاطئة فأدخله والده كتاب القرية ليتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم، وحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه.
- عباس محمود العقاد الذي نشأ في شارع الجمالية نفسه، رغم مولده في صعيد مصر بمحافظة أسوان في الـ 28 يونيو 1889، واقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط، لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، فاعتمد على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة وكان مولعًا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى، وبعدما جاء إلى القاهرة عمل بالصحافة وأسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، التي كانت من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.
- محمد حسنين هيكل الكاتب الكبير الذى عاش في حي الجمالية بعد مجيئة من قرية باسوس بالقليوبية مسقط رأسه، وكان يسكن في منزل مكون من 3 طوابق في أسرة برجوازية متوسطة، وكانت أمنيته أن يصبح طبيبًا، والأب يريده أزهريًا، فيما كانت الأم تريده بصورة مختلفة، متأثرة في ذلك بشقيقها الذي قرر تعليم أولاده تعليمًا مدنيًا، رغبة الأب انتصرت، التحق الابن بالأزهر، لكن الأم أنقذته من ارتداء العمامة بعد أيام، وأخرجته من الأزهر، أثناء سفر الأب الذي يعمل تاجرًا للحبوب إلى السودان، وألحقته بمدرسة "خليل أغا"، إحدى المدارس التابعة لمدرسة التوفيقية الثانوية، ثم درس في مدرسة التجارة المتوسطة.
- خيري شلبي أديب المقابر الذى ولد في قرية شباس عمير التابعة لمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ، ونشأ في أسرة فقيرة وانتمى لطائفة من عمال التراحيل في قريته، وعاش في جو زاخم بالتجارب التي شكلت نزوعه للأدب، والتي حاول من خلالها كشف عطاء طوائف كثيرة من المجتمع المصري في أعماله، وكانت الأفكار لا تأتيه إلا في ظلال شواهد القبور حيث اتخذ منها مركزًا للإبداع فكتب فيها العديد من أعماله الروائية والإبداعية، وتعتبر مقابر قايتباي هي صومعته الخاصة التي يتخذ لنفسه غرفة للكتابة يقضي فيها بضع ساعات كل يوم، وهو تقليد استمر عليه لفترة طويلة، لدرجة أنه لا يستطيع مفارقته أثناء الكتابة.
- جمال الغيطاني الصحفي والأديب الكبير الذي ولد في مركز جهينة التابع لمحافظة سوهاج، وتلقى تعليمه الإبتدائي في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، وأكمله في مدرسة الجمالية الإبتدائية، وفي عام 1959 أنهى المرحلة الإعدادية من مدرسة محمد علي الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية.
- مصطفى حسين رسام الكاريكاتير السياسي والاجتماعي الموهوب الذي لا يستطع أحد أن ينكر موهبته، عاش بحي الجمالية التت ولد بها في الـ7 مارس عام 1935، وكانت حياته مليئة بالتحولات والإنتقالات، التحق بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة واستمر في العمل الصحفي حتى وفاته.
- عبد الوارث عسر الفنان الكبير عاش بحى الجمالية فترة من حياته واستطاع أن يعلم الممثلين فن الإلقاء الذي أتقنه، وكتب له كتابًا بعنوان "فن الإلقاء" ولا يزال حتى اليوم من أهم كتب تعليم التمثيل، كما أنه كتب أفلامًا وسيناريوهات وترجم موضوعات عديدة، إلى جانب عمله كممثل.
وتعد حارة الخرنفش بحي الجمالية صانعة الرؤساء بعد خروج رئيسين منها هما،الرئيس جمال عبد الناصر الذي نشأ في حارة خميس العدس، والرئيس عبدالفتاح السيسي الذي نشأ في حي الجمالية وتحديدا في شارع الخرنفش، والزعيم الوطني سعد زغلول، وطلعت حرب، والفنان عبد الفتاح القصري، والمطرب فريد الأطرش، والمناضل مصطفى كامل، كان لهم أيضًا نصيب من حي الجمالية حيث درسوا في مدرسة الفرير الفرنسية التي تم إنشاؤها عام 1858 وتخرجوا منها، والشيخ محمد متولي الشعرواي وزير الأوقاق الأسبق، ابن قرية دقادوس بمحافظة الدقهلية، الذي كان يقع منزله بجوار مسجد الحسين مباشرة.
وحظى مقهى الفيشاوي بشهرة عالمية، إذ زاره عدد من الشخصيات المهمة والأدباء والفنانين، مثل أوجيني أمبراطورة فرنسا التي زارت الخديو إسماعيل للمشاركة في احتفال افتتاح قناة السويس، ونابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية وجمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وعبدالله النديم وسعد زغلول وأم كلثوم، وغيرهم.



تعليقات الفيسبوك