هكذا يتصور الدماغ جسم الإنسان
كيف يتصور الدماغ شكل جسم الإنسان؟ هذا السؤال طرحه العالم الأمريكي وايلدر كريفز بنفيلد، في ثّلاثينات القرن الماضي، ما جعله يقوم بدراسة للأجابة عليه.
ولأن بنفليد كان اختصاصي في الأعصاب، ويقوم بعلاج مرضى الصرع، فقد قرّر أن يُجرّب شيئًا مثيرًا أثناء عمله على إجراء عمليّات جراحيّة على مرضاه، وفقا لما ذكرته مجلة "الرجل" السعودية، حيث وضع تخطيطا مساحيا للدماغ، رصد به الأجزاء التي تتحكم في الأنشطة المختلفة للجسم، وبيّن ما يطرأ على وظائف الكلام والذاكرة من خلل مؤقت عند تمرير تيار كهربائي على أجزاء معينة من الدماغ. وبهذه الطريقة استطاع بنفيلد تحديد الموضع الذي يتحكم في الكلام خلف الجزء الأيسر من المخ، كما اكتشف أيضًا أن حث الفص الصدغي ـ وهو جزء من المخ ـ كهربائيًا، يساعد الذاكرة على استحضار التجارب القديمة المختزنة، وخلص إلى أن جزءًا من الذكريات يختزن في الفص الصدغي.
وقرّر بنفيلد أن يُحاول تحفيز مناطق مختلفة من الدّماغ بهدف معرفة ما هي المناطق في قشرة الدّماغ التي تتحكّم بالأعضاء المختلفة في أجسادنا، لكن ما توصّل إليه بنفيلد هو صورة مشوهة جدا وغريبة لجسم الإنسان، خريطة أصبحت تُعرف بالـ Cortical homunculus.
وتمثل هذة الخريطة أهميّة الأعضاء المختلفة في جسم الإنسان من منظور الدماغ، إذ أنها تظهر فعليا عدد الرّوابط العصبية بين الدماغ وبين عضو معين في الجسم.
والسبب وراء هذا التمثيل غير المتساوي للأعضاء في الدماغ، هو أن بعض الأعضاء تلعب دورا أهم في التقاط المعلومات الحسيّة من البيئة، بينما الأعضاء الأخرى تلعب دورا أقلّ أهميّة.. اليدين والوجه، على سبيل المثال، هي مناطق حساسة جدا ولذلك هنالك عدد أكبر من الروابط العصبية بينها وبين الدماغ ولهذا فإنّها تظهر بشكل أكبر في الخريطة المذكورة.
جدير بالذكر أن العالم وايلدر كريڤز بنفيلد ولد في واشنطون عام 1891 وتوفي في عام 1976، وابتكر مع زميله هربرت جاسبر ما عرف بـ "عملية مونتريال" وهي أسلوب جراحي لمعالجة بعض أنواع مرض الصرع، حيث تنشأ نوبات الصرع في بعض العناقيد الخلوية الصغيرة التالفة بالدماغ، وقد ابتكر بنفيلد طريقة لرصد هذه الخلايا واستئصالها بالجراحة.
تعليقات الفيسبوك