ساعتان كاملتان يقضيهما في تركيز شديد، حاملًا كاميراته الخاصة بين يديه، بعد تجهيز الإضاءة وتهيئة المكان، وتحديد الوقت المناسب لالتقاط الصورة، التي يبتغيها، منتظرا أن تنجح محاولاته المتعددة بكل ما أوتي من قدرة على تحسين الحالة المزاجية لـ"قطة"، وتصويرها بطريقة مختلفة عن المرات السابقة في الثمان أعوام الماضية، منذ أن أتخذ من تصوير القطط هواية له، ليصبح أول مصور متخصص في ذلك المجال بمصر، ضاربًا بالتعليقات الرافضة لحب الشباب للقطط واقتصارها على الفتيات عرض الحائط.
منذ صغره، ويهوى "عمرو حسني" القطط، ولكنه لم يتمكن من اقتناء واحدة خاصة به سوى في بداية عام 2008، فاشترى أول قط خاص به "بندق"، الذي أضفى بريقًا قويًا من السعادة بنفسه، وغير من مسار حياته فيما بعد، فقام باستخدام كاميرا هاتفه المحمول لتسجيل لحظاتهم السعيدة معًا، وتوثيق مختلف مراحل نموه، وهو ما دفعه إلى شراء كاميرا "ديجيتال" صغيرة خاصة به، وولد معها حلمه وهوايته البسيطة في تصوير القطط، فاقتنى أخرى "Sony" إلى أن حصل على "Nikon" حديثة نهاية العام الماضي.
تصوير القطط زاد من حب الشاب العشريني لهم فسرعان ما امتلك 9 منهم في المنزل، وخصص لهم مكانا محددا في المنزل ليتحول إلى "لوكيشن تصوير"، مستخدما فيه إضاءة طبيعية وأخرى صناعية بألوانًا مختلفة تتغير مع لون القطة، لم تزداد مساحته عن "متر X متر"، تمكن فيه من تحقيق هوايته وأصبح ركنه المفضل في المنزل، الذي يقضي فيه وقت عطلته بأكمله، بمساعدة والدته التي ساندته وكان كلمة السر في نجاحه، حيث ساهمت معه في جلسات التصوير وإطعام القطة واللعب معها لتهيئتها لذلك الأمر، دون ملل أو كلل.
الصبر.. هو الدرس الأكبر الذي تعلمه خلال 6 أعوام من تصوير القطط، غرق فيهم بين تفاصيل حياتهم وأساليب مداعبتهم واحتياجاتهم، وأصبح على دراية كاملة بالأوقات المناسبة للتصوير "لما القطة تكون بتنام أو لسه صاحية من النوم أو لسه واكلة ده غير وقت اللعب اللي هو أحسن وقت ليها"، بالإضافة إلى الزوايا الأفضل لتصويرهم "يفضل تكون القطة باصة لفوق ووشها باين وتفاصيلها، والقطة الشيرازي المون فيس هي اللي بتكون صاحبة الإطلالة الأجمل في الصور"، ليجد أن سر جمالهم في أعينهم المميزة، ويظل الأهم من وجهة نظره أن تشعر القطة معه بالأمان وهو ما جعله يعزف عن تصوير قطط الآخرين.
لم يتخذ الشاب العشريني، الذي يعمل بالمعاملات التجارية من فن التصوير مهنة له مثل الكثرين، بل سعي إلى تطوير حبه وشغفه بها، وأثقلها من خلال قراءة الكتب ومشاهدة الكثير من مقاطع الفيديو عن أصول وأساسيات التصوير إلى أن حصل على عضوية الاتحاد الدولي للتصوير، وقرر قصرها على كونها هواية فقط، ورفض تحويلها إلى مشروع تجاري يهدف للربح لتأكيد أن التصوير "مش بس للموديلز والفنانين والأفراح"، فضلًا عن يقينه بصعوبة الأمر "هاخد وقت كبير، علشان أخلي القطة تتعود عليا، وممكن أقعد فترة، ومطلعش غير صورتين، وده وارد أنه ميرضيش العميل".
حاول "عمرو" التطوير من مهاراته، وتصوير نوعًا آخر من الحيوانات، فوقع اختياره على الكلاب ليحاول كسر خوفه الطفولي منهم بسبب حادث قديم، وهو بالفعل ما نجح فيه ولكنهم لم يحصدوا حبه كالقطط، التي كان لها المكان الأكبر في قلبه وحياته، رغم التعليقات السلبية التي طالته من قبل العاملين معه "يعني كانوا بيستغربوا أوي أني ولد ومهتم بالقطط، وبيعتبروا أن اللي بيحبوا القطط هما البنات بس"، ولكنه لم يتأثر بتلك التعليقات، واتخذ من تشجيع أصدقائه المقربون حافزًا له، كما قام بتصوير عددًا من حفلات الزفاف.
يتمنى "حسني"، أن يرسخ هوايته كنوعًا فنيًا في التصوير على خطى الغرب، وتغيير الثقافة المجتمعية السائدة، من خلال إنشاء استديو لتصوير الحيوانات وتعليمه كفن غير هادف للربح.
تعليقات الفيسبوك