الحب لم يكن يعرف طريق قلبها حتى دق أبوابها فجأة، عاشت معه أجمل لحظات حياتها في عام كامل، إلى أن ذاقت مرارة الوجع والألم، فظنت أن لحظات الوصل انتهت والفراق آتٍ لا محالة، فلا أحد سيستطيع العيش مع مجرد روح بجسد عاجز ولكن ازدادت المشاعر وأثبت العشق تفوقه على كل المعقول، ونعمت بدرية بـ19 عاما من السعادة والفرح مع حبيب عمرها.
في عام 96، بدأت قصة قد تستحق أن تسطر حروفها من ضمن قصص الحب والوفاء الروائية، عندما تمت خطبة "بدرية" على شاب من جيرانها الذي أحببته ورأت به كل الصفات التي تتمناها، وعرفا طريق العشق سويا وبدآ بالتخطيط والحلم بعش الزوجية إلى أن تعرضت لحادث سقوط من سطح المنزل وأصيبت بكسر بالعمود الفقري بمنطقة الصدر أدى إلى شلل نصفي سفلي لتعتقد أنها ستفتح عينيها ولن ترى خطيبها مرة أخرى، ولكن وجدته لا يفارقها، يطوف على كل الأطباء وظل معها في رحلات مليئة بالعذاب والدموع والألم "كنت أحتاج لثلاث جلسات أسبوعيا وكان خطيبي يحملني إلى المركز الطبي بالإسكندرية لعمل الجلسات لأنني لا أستطيع الجلوس فوق كرسي متحرك".
جاءت الكثير من النصائح لـ"إبراهيم العجرمي" من قبل أهله بترك خطيبته التي ستكون حياته معها غير مستقرة مليئة بالمعاناة، على حد وصفهم، ولكنه وجد بالمعاناة الراحة ووجد بالحب كل المشاق سهلة أمام نظرة لعين محبوبته "قلت مش هبعد عنها لحظة وقررت أتجوزها بعد مرور أشهر من الحادث وما صاحبها من آلام وأحداث مؤلمة وعقدنا قراننا".
لم يستمع "إبراهيم" لوساوس الأهل والجيران، كما لم يعترِ بما قالته خطيبته "بدرية" بأنها تحله من كل الوعود ومطالبته بتركها وظل يخدمها منذ إصابتها في عام 97، "قلت له ابحث عن فتاة سليمة وتزوجها ولكنه بكى بين يدي وقال إنه يضحي بعمره ويجدد وعده لله عز وجل ألا يتركني إلا بالموت وقال إنني سوف أخدمك حتى آخر العمر أو يشفيك الله جلت قدرته".
تتذكر بدرية يوم زفافها، وكيف كانت أسعد إنسانة على وجه الأرض "في عام 2004 حملني زوجي إلى عشنا لأول مرة ليس كما يفعل العرسان في الأفلام ولكن لأنني لا أستطيع السير وبكينا نحن الاثنين لأنني كنت أتمنى أن أعيش أحلى ليلة في عمري مثل أي فتاة غير معوقة وبكي هو لبكائي"، ثم انطلقا في تكوين أسرة، ولكن العبء الأكبر على إبراهيم "هو يقوم بالأعمال الصعبة و يعد لي الإفطار والغداء ويضعهما فوق السرير يوميا".
وبعد عامين من الزواج رزقهما الله بابنتها مريم "رغم أن الأطباء أخبروها بصعوبة حملها، فكبرت الطفلة الصغيرة أمامهما حتى صارت هي من تساعد والدها في خدمة أمها ليعيشا أسرة مترابطة قوية تجسد معانى الحب للآخرين "لو فضلت طول عمري أشكر ربنا على النعم اللي ادهاني مش هيكفي"، بحسب "بدورة" كما يطلق عليها زوجها.
بدرية تعبر عن حبها لزوجها في يوم الرجل العالمي: "مش كلهم غدارين"
أكثر من عشرين عاما، مرت على بدرية وإبراهيم، كلحظات، مليئة بالحب والسعادة كما حاوطها الألم والتعب أيضا، لتحتفل به في اليوم العالمي للرجال الذي يوافق اليوم، معبرة عن حبها له فهي لم ترَ رجلا مثله، ضرب أروع الأمثلة في التضحية والعشق حتى أصيب بتضخم بعضله القلب وارتجاع بالصمام الميترالي والضغط والسكر والقدم السكري ولكنه ما زال قادرا على العطاء وخدمتها "مش كل الرجالة غدارين يكفي فيهم جوزي ربنا يخليه ليا، ونفسي ربنا يشفيني وأرد له جزء بسيط من اللي عملهولي".
تعليقات الفيسبوك