عندما سافرت إلى أمريكا قضيت فى نيويورك أكثر من ثمانية شهور أعمل فى مسارحها إلى أن أبلغنى زوجى السابق «عبدالله كنج» أننا سنسافر إلى هوليوود لقضاء بضعة أسابيع هناك، وقد سرنى هذا الخبر، فقد كنت أتوق لزيارة هوليوود، ومشاهدة استديوهاتها والتعرف على بعض كواكبها ونجومها.
وفى نيويورك كنت ألتقى ببعض المصريين الذين يعيشون هناك، وعلم أحدهم بنبأ سفرى إلى هوليوود، فتلقيت منه ذات يوم برقية يقول فيها «كل سنة وانتى طيبة» ولم أكن أعرف المناسبة التى يهنئنى بها، فأرسلت إليه رسالة أشكره على التهنئة وأسأله عن مناسبتها، فأرسل يقول إن رمضان قد بدأ فى مصر منذ أسبوع.. وانهمرت الدموع من عينى، فقد كان هذا أول رمضان أقضيه بعيداً عن أهلى وأسرتى، وكانت الذكريات بذهنى عن أيام رمضان فى طفولتى وصباى وشبابى، وتذكرت كيف كنت أحتفل بهذا الشهر فى القاهرة.
وكنا -أنا وزوجى السابق- قد استأجرنا شقة مفروشة فى هوليوود لنقيم فيها إجازتنا، ولما كنت أعرف أن هوليوود تعشق المفاجآت فقد قررت أن أقيم حفلة إفطار للصديقات والأصدقاء الذين تعرفت بهم فى هوليوود، كما قررت أن يكون الطعام هو الأطباق المفضلة عندنا فى مصر فى شهر رمضان، وأرسلت إلى نيويورك من يشترى بعض حاجيات رمضان، وعاد إلىّ يحمل ما طلبته ما عدا «قمر الدين» فهو غير معروف هناك، وقمت بنفسى بطهى الطعام وطبع زوجى الدعوة وقال فيها إن الحفلة ستقام بمناسبة «رمضان»، وأحدثت كلمة «رمضان» ضجة كبرى فى هوليوود وحاول كل واحد من الذين وصلتهم الدعوة تفسير هذه الكلمة بغير جدوى، وكانت استديوهات هوليوود وأنديتها تتحدث عن الحفلة التى ستقيمها الراقصة المصرية بمناسبة «رمضان» وحرصت على أن تكون الحفلة يوم العطلة الأسبوعية وفى الموعد الذى تغرب فيه الشمس.
وبدأ المدعوون يتوافدون على شقتنا فى الموعد المحدد وكان أول الذين وصلوا الحفلة «سبنسر تراسى»، وهو صديق لأسرة زوجى السابق فى أمريكا، ثم «روندا فليمنج» التى اشتهترت فى هوليوود بصداقتها لشيرلى تامبل، ثم روبرت تايلور وجين باول وأرلين أورسيا الصحفية التى تراسل أغلب صحف العالم من هوليوود، وجورج ماريشال مدير المكتب الذى يبحث عن الوجوه الجديدة لبعض شركات هوليوود.
وبعد أن اكتمل المدعوون سألنى سبنسر تراسى عن معنى كلمة رمضان، وبدأت أوجز للمدعوين صورة عن شهر الصوم ولا أكتمكم القول أنها كانت مفاجأة عندما عرفوا أننا نصوم عن الطعام طول النهار ثم نأكل طول الليل، وبدأ المدعوون يتناولون طعام الإفطار ولا أريد أن أقول إنهم أعجبوا بطعامى خشية أن يفهم القراء أننى أمدح نفسى، ولكن الحقيقة هى أنهم أجمعوا على أن الطعام الشرقى طعام لذيذ، وبعد تناول طعام «الإفطار» الذين اتفقوا على تسميته العشاء المبكر، استأنفنا الحديث عن رمضان، ونصح جورج ماريشال الممثلة جلوريا جراهام بأن تجرب الصيام لعلها تتخلص من الكيلو الزائد الذى يشكو منه المخرجون، وقضينا سهرة لطيفة.
وحدث أثناء الحفلة أن طلب بعضهم الشامبانيا وكان توفيقاً من زوجى السابق أن يعتذر عن تقديم الخمور لأنها محرمة فى رمضان وقد ضحكوا من هذا الاعتذار، وأصروا على تناول الشامبانيا، وأمام إصرارهم اضطر زوجى إلى تقديم الشامبانيا لهم.
وقام كل واحد يقلدنى فى الرقص الشرقى، ولم ينجح أحدهم فى تقليدى إلا الصحفية أرلين أورسيا التى ظفرت بإعجاب كبير، وقد قدمت لها «بدلة رقص» تعبيراً عن إعجابى الكبير بها وقد تلقيت منها رسالة من نحو ثلاثة شهور وعلى أثر صدور حكم المحكمة بطلاقى من زوجى السابق تقول فيها إنها ما زالت محتفظة ببدلة الرقص كذكرى للصداقة التى كانت تربطنا أثناء إقامتى فى أمريكا.. وانصرف المدعوون فى ساعة متأخرة. وأحدثت هذه الحفلة دوياً كبيراً، وتلقيت من بعض المصريين الموجودين فى هوليوود، وعددهم لا يزيد على أصابع اليدين، احتجاجاً على عدم دعوتهم إلى الحفلة فاضطررت أن أقيم حفلة خاصة بهم تذاكرنا خلالها طرائف رمضان فى القاهرة.
تعليقات الفيسبوك